قمة نسوية يمنية في عدن تتعثر..
جدل حول الفعاليات النسوية في عدن.. هل تُضعف الأجندات السياسية جهود السلام؟
"اتهمت منظمات مجتمع مدني منظمي القمة النسوية باستخدام قضايا النساء كذريعة لتحقيق أهداف سياسية، تهدف إلى إعادة تصدير شخصيات نسائية معينة إلى المشهد السياسي، ما اعتبرته انتقاصاً من حقوق النساء الجنوبيات اللواتي يطالبن بالأسبقية في شغل المناصب القيادية في الحكومة المركزية"
علمت صحيفة "اليوم الثامن" من مصادر موثوقة ضمن القمة النسوية، عن إلغاء اجتماع استباقي كان من المقرر انعقاده يوم الأحد في منتجع كراون بمدينة عدن، وذلك عقب اعتراض
وأوضحت المصادر أن إدارة المنتجع أبلغت المنظمين بقرار المنع، مستندة إلى توجيهات تمنع عقد اللقاء في المنتجع.
يأتي هذا التطور وسط تصاعد الجدل حول القمة التي قالت منظمات مجتمع مدني في أكتوبر الماضي، إنها قدمت توصيفات جديدة للصراع.
وقالت الجهة المنظمة للقمة إنها تهدف إلى مناقشة قضايا نسوية هامة ضمن أجندة معلنة، إلا أنها تواجه منظمات مجتمع مدني في عدن وأبين ولحج، نفت ذلك، واعتبرت ان القمة جاءت لتحقيق اهداف سياسية على حساب تطلعات شعبية في جنوب اليمن.
وقالت مصادر حكومية لـ(اليوم الثامن) "إن اعتراضا صدر من السلطة المحلية في عدن ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، على القمة".
يعد هذا الحدث مؤشرًا على التحديات التي تواجه المبادرات النسوية في عدن، وسط تباين المواقف بين الجهات المنظمة والمعارضة، ما يفتح الباب لتساؤلات حول أبعاد ودوافع هذه القرارات في ظل السياق السياسي والاجتماعي الراهن.
القمة النسوية التي كان من المقرر انعقادها في عدن، أثارت جدلاً واسعًا، حيث تم إلغاء اجتماع استباقي كان مقرراً في منتجع كراون، بناءً على توجيهات حكومية بمنع عقد اللقاء. هذه القمة أثارت حفيظة منظمات مجتمع مدني، والتي اعتبرت أنها تحمل أجندات سياسية لا تخدم قضايا النساء الجنوبيات، بل تسعى لتحقيق مصالح أطراف أخرى.
وعبّر المجتمع المدني عن استيائه من تهميش النساء الجنوبيات في مثل هذه الفعاليات، ورفض توصيف القمة للحرب في اليمن كصراع محلي، معتبراً ذلك تجاهلاً لخصوصية قضايا الجنوب. وطالبت المنظمات بضمان مشاركة حقيقية وفعّالة للنساء الجنوبيات في أي لقاءات مستقبلية تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة ودورها في صنع القرار.
وتنوعت أسباب هذا الاعتراض بين شكاوى تتعلق بتهميش النساء الجنوبيات وتسييس الدور النسوي لتحقيق أجندات سياسية لا تخدم قضايا النساء في الجنوب.
وأعربت منظمات مجتمع مدني خلال اجتماعات عقدت في أكتوبر الماضي، عن استيائها من الأجندة المطروحة للقمة، معتبرة أنها تتجاهل خصوصية قضايا النساء في الجنوب.
وأكدت هذه المنظمات أن هذه القمة تسعى لتحقيق أهداف سياسية تتعارض مع تطلعات شعب الجنوب لاستعادة دولته السابقة، مما يجعلها منفصلة عن الواقع المحلي.
واشتكت العديد من الناشطات الجنوبيات من أن القمة لا تمثل سوى شريحة محددة من النساء المرتبطات بنظام سياسي سابق، ما أدى إلى تهميش نساء عدن والجنوبيات اللواتي يعانين من أوضاع معقدة بسبب الحرب وتداعياتها.
وأشار المعترضون إلى ضرورة ضمان مشاركة نساء الجنوب بشكل عادل في مثل هذه الفعاليات، بما يضمن تمثيلهن الحقيقي في صنع القرار.
واتهمت منظمات المجتمع المدني منظمي القمة باستغلال قضايا النساء كوسيلة لتمرير أجندات سياسية، تهدف إلى تمكين شخصيات نسائية معينة مقربة من النظام السابق لتصدر المشهد السياسي القادم. واعتبرت هذه المنظمات أن هذا التوجه يأتي على حساب نساء الجنوب اللواتي يتمتعن بالأحقية والأسبقية في شغل المناصب القيادية، لا سيما في الحكومة المركزية، بناءً على كفاءتهن ودورهن الفعّال في المجتمع.
وأشارت ناشطات تحدثن لـ(اليوم الثامن)، إلى أن الدور النسوي يجب أن يركز على بناء السلام ودعم وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار بشكل عادل ومستقل، وليس كوسيلة لتحقيق مصالح سياسية معينة.
ووضع أجندة واضحة لأي فعالية نسوية تراعي خصوصية قضايا الجنوب واحتياجات النساء الجنوبيات، وتمكين النساء من المشاركة الفاعلة في تصميم السياسات النسوية بدلاً من تهميشهن، والتأكيد على أن يكون دور النساء منصباً على تعزيز السلام والمشاركة في التنمية بعيداً عن التسييس.
تعكس هذه الاعتراضات فجوة بين أجندة الفعاليات النسوية المقترحة وواقع احتياجات النساء الجنوبيات. ويدعو ذلك إلى مراجعة شاملة لضمان أن تكون هذه الفعاليات أداة للتغيير الإيجابي والشامل، بدلاً من أن تكون سبباً لمزيد من الانقسام والتهميش.
وتعاني النساء في عدن والجنوب من قضايا فريدة تتعلق بالحرب وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، تشير العديد من الناشطات إلى أن بعض الفعاليات النسوية تُصمم دون مراعاة هذه الخصوصية، حيث تُدرج القضايا النسوية ضمن أجندات عامة ذات توجهات سياسية لا تعكس احتياجات النساء الجنوبيات بشكل حقيقي.
و تشير منظمات مجتمع مدني جنوبية إلى أن بعض الفعاليات النسوية تعمل على تصدير شخصيات معينة مقربة من أنظمة سياسية سابقة لتصدر المشهد النسوي، مما يؤدي إلى تهميش النساء الجنوبيات اللواتي يطالبن بتمثيل حقيقي لهن في مراكز صنع القرار.
وبدلاً من التركيز على بناء قدرات النساء وتعزيز دورهن في السلام والتنمية، يتم أحيانًا تسييس الفعاليات لتصبح أداة لتحقيق أهداف سياسية. هذا التوجه يقلل من فعالية هذه الأنشطة ويحد من تحقيق تأثير إيجابي على الأرض.
قالت مصادر حقوقية إن الأنشطة النسوية المنفردة قد تؤدي إلى إضعاف جهود بناء السلام، إذ تحولت بعض هذه الأنشطة إلى منصات تخدم أجندات سياسية، مما يقلل من التركيز على قضايا السلام والمصالحة. هذا التحول أسهم في تراجع الثقة بين المجتمع المدني والناشطات، حيث باتت الفعاليات النسوية لا تعكس بشكل كافٍ تطلعات المجتمع المحلي، ما يعيق إمكانية التعاون المشترك لتحقيق الأهداف المعلنة.
وأوضحت ناشطة جنوبية، طلبت عدم ذكر اسمها، أن العديد من المقترحات البناءة التي طُرحت في القمم السابقة لم يتم تنفيذها، من بينها وضع أجندة شفافة تراعي احتياجات النساء الجنوبيات، وضمان التمثيل العادل لهن في مثل هذه الفعاليات. وشددت على أهمية أن تكون مشاركة النساء شاملة ومتنوعة، مع ضرورة فصل القضايا النسوية عن الأجندات السياسية. واعتبرت أن التركيز يجب أن ينصب على تمكين المرأة وبناء السلام كهدف رئيسي بعيداً عن أي استغلال سياسي.
ورغم أن الفعاليات النسوية في عدن تمثل فرصة كبيرة لتعزيز دور المرأة، فإن التوجهات السياسية السائدة تهدد بتحويلها إلى أدوات لتحقيق مصالح ضيقة لا تخدم تطلعات النساء الجنوبيات. المطلوب الآن هو إعادة توجيه هذه الفعاليات لتكون أداة حقيقية لدعم قضايا المرأة في السلام والتنمية بعيداً عن التسييس.