سعيد النخعي يكتب:
عمان.. وسيط أم طرف في الأزمة اليمنية ؟
ظلت بوابة سلطنة عمان الحدودية مغلقة في وجه اليمنيين لعقود خلت، وحرصت سياستها الخارجية على إظهارها بالبلد المنكفئة على نفسها، المنشغلة بشؤونها الداخلية فقط؛ لذا ظل سفرها خال من النزاع مع اليمن باستثناء فترة وجيزة من التوتر شهدتها علاقة اليمن الجنوبي بعمان، في عنفوان المد اليساري آواخر السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي، بسبب احتضان عدن حينها لجبهة عمان المعارضة لنظام قابوس، التي كانت تتخذ من جنوب اليمن منطلقاً لنشاطها السياسي والعسكري، ولايزال الكثيرون يتذكرون أغنية (ياويل قابوس ويله) التي كانت تصدح كلماتها من عدن ويتردد صداها في صلالة، انتهت هذه الأزمة بوساطة حكيمة قادها الرئيس علي ناصر محمد، بين قابوس وجبهة عمان، انتهت باحتواء رموز جبهة عمان في السلطة، ومن رموزها المعروفة اليوم وزير خارجية عمان الحالي يوسف بن علوي بن عبدالله .
فتحت حرب اليمن شهية مطامع الجيران على مصراعيها، فأخذوا يتسابقون، من سيفوز بأكبر قدر من العككة اليمنية، بعد أن حولت الحرب الأراضي اليمنية إلى تركة يتنافس عليها أقرباء من الدرجة العاشرة !
السعودية، والإمارات، وعمان، تنافس ثلاثي على التهام أكبر قدر من أراضي ومصالح بلد عجوز، أنهكته الصراعات، وأذلَّ شعبه الجوع والفقر ، فتسابقت نخبه السياسية على عرض خدماتها في عدد من العواصم ، باسم الوطن والكرامة والسيادة .
ترددت سلطنة عمان كثيراً، وظلت طوال فترة الحرب إظهار نفسها بالوسيط النزيه، إلا أن المغانم، فتحت شهيتها، وسال لعابها على جوانب شدقيها، وهي ترى المملكة والإمارات تتقاسمان الأراضي اليمنية بالسوية، فكان نصيب الإمارات الماء، والشقيقة الكبرى اليابسة، قسمة ظيزى رأتها السلطنة، مما دعاها إلى مغادرة مربع الوساطة؛ فأعطت الأذن لأدواتها الذين كانت تحتفظ بهم لوقت الحاجة بالتحرك، والانتقال بنشاطهم إلى الداخل اليمني، فكما أن للمنتج السعودي وكلاء محلليين في الأسواق اليمنية، يتم الحصول عليه من نقاط بيع استعادة الشرعية، فللإمارات وكلاؤها الحصريون الذين يسوقون بضاعة (التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية ) إنتاج أبوظبي، من خلال وكيلها الحصري المجلس الانتقالي، تنوعت المنتجات العمانية، وتعدد الوكلاء، وانتشرت فروع البيع في أكثر من محافظة جنوبية، فانقسم الوكلاء العمانيون إلى فريقين: فريق تدثر بالقضية الجنوبية، يمثله تيار باعوم الذي لم يبق منه سوى صورة حسن باعوم، بعد أن عرض أولاده تاريخ أبيهم للمناقصة في كل العواصم، حتى رسيت المناقصة على مسقط، والفريق الآخر سُلمت رايته للرجل السبعيني أحمد مساعد حسين، والسلطان سابقا، الشيخ حاليا بن عفرار فاتخذ الأول مظلمة شبوة منطلقاً للنشاطه العماني، واتخذ الثاني من السيادة اليمنية على محافظة المهرة منطلقاً لمشروعة، على طريقة الجماعات الدينية الشيعية المتخذين من مظلومية الحسين منطلقاً لخدمة المصالح الإيرانية .
سيشهد المنتج العماني رواجاً كبيراً في الأسواق اليمنية وبخاصّة في المحافظات الجنوبية، التي تعيش فراغاً عاطفياً ، كالمرأة التي تعيش في كنف زوج أشبع شبقها الجنسي لكنها تعيش معه فراغاً عاطفياً فلجأت لإشباع جوعها العاطفي مع أول رجل صادفته على قارعة الطريق أوقعها في شباك معروف مصطنع، وكلام يسيل الكذب من جوانبه .
سيشهد المنتج العماني رواجاً كبيراً؛ لأن تجربة الجنوب العاطفية مع العشيقين السابقين قد فشلت، بعد أن عجز العشيقان عن سد جوع الأمعاء الخاوية، ناهيك عن إشباع العواطف المتأججة، وهذا مما سيزيد من رصيد العاشق الجديد، وسيزيده جمالا في أعين أعماها الفقر، وآذان أصمتها الحاجة، ونفوس أنهكها البحث عن السراب.
سعيد النخعي