سمير اليوسفي يكتب:

الحروب ليست انتخابات !

ها نحن نشاهد ملحمة تحرير (الحديدة) التي تُسطّرها ألوية حُرّاس الجمهورية، جنباً إلى جنب مع قوات العمالقة، وجنود المقاومة التهامية.. بعد أن داس قادتُها الأشاوس بأقدامهم الطاهرة على كل التهديدات التي أطلقتها دولٌ، ومنظمات، وأجهزةُ مخابرات، بفرض عقوبات عليهم..
وقرّروا بدعم من التحالُف خوض المعركة الأهم، التي ستكون المسمار الأخير في نعش الإماميين الجدد.

ومن تباشير هذا النصر، تسلل قيادات من صنعاء، بينهُم وزراء ونوابهم، وبرلمانيون وعسكريون ..نفذوا بجلودهم، مُخاطرين بحياتهم، بعد أن تيقنوا بأنّ الحوثيين ليسوا أكثر من مخالب طائفية لإيران، تستهدفُ تقويض الأمن القومي لليمن ودول الخليج.. ومن المستحيل أن ينصاعوا للسلام، وتصريحاتهم عن القبول بالحوار: ثرثرة للمُماطلة، وتضييع الوقت.. لأنّهم لن يقبلوا بنتائجه.

الجديد أنّ بعض المُنشَقين أكدوا تورط النظام القطري في دعم الحوثيين.. وهي معلومة لم تكن سراً.. والدعم له قرابة 14 عاماً عبر حزب الله.. ومؤخراً موَّلت إنشاء فضائيتين لناشطين حوثيين إحداهما تحاول التقريب بين الحوثيين والإصلاح.. ومن المعلوم أنّ (يحيى) شقيق عبدالملك الحوثي عاد مع أسرته من منفاه في ألمانيا بعد نكبة 21 سبتمبر، وكان يعيش في كنف السفارة القطرية هناك.. لكن الحقد أعمى، والمتعصبون يحتاج النهار عندهم إلى دليل.. حتى لو أحرقهم سطوع الشمس.

للأسف، كمنت الأحقاد داخل ثورة فبراير في اليمن، وعملت على غسل جرائم الحوثيين؛ فكانوا يهتفون بسقوط النظام مع قادة المعارضة، الذين عميت بصائر أغلبهم عن رؤية مشروعهم الكهنوتي المعادي للنظام الجمهوري والتابع لأيران... وإذا أخذنا بقاعدة "فتّش عن المستفيد"، التي يعتمدُها المحققون في الجرائم الجنائية، فلا أستبعد توّرط الحوثيين -أو من جلبهُم من صعدة وأنفق عليهم ثلاثمئة مليون ريال- في قنص ضحايا جُمعة الكرامة؛ لإفساد اتفاق الرئيس السابق مع قيادة الإصلاح والمشترك، الذي كان مُقرراً إبرامهُ عصر ذلك اليوم، لاسيما وأنّ الجناة أفلتوا من العقاب.. وسمعتها من الزعيم صالح قبيل استشهاده بستة أشهر، بعد أن عاتبني بشدة على استقالتي بسبب جمعة الكرامة.. حيث قال: لو كنتُ وراءها لما تم تنفيذها في وضح النهار، وأمام عدسات (الجزيرة)!! لكن طوفان الشارع حينها عصف بعقولنا جميعاً.

وأحسب أنّ اتهامات النظام القطري لدولة الإمارات باغتيال قيادات إصلاحية في عدن دون أدلة واضحة يعيد نفس المخطط.. ومن المنطق افتراض طرف آخر، له مصلحة بتأجيج الصراع.. ولا ننسى أنّ إيران لا تزال تحتفظ بفصيل حراكي يقوده (فادي باعوم) من داخل الضاحية في بيروت، وتستضيفه الجزيرة بشكل مكثف.. وسبق أن أشار له (اللواء عيدروس الزبيدي) في حواره مع فضائية أبوظبي.. وأنا هنا أفترض ولا أجزم.. لأنّ الإصلاح لو كان متيقناً من قتل الإمارات لأعضائه، كان ينبغي عليه اتخاذ موقف حاسم وصارم.. وأضعف الإيمان أن يسحب تأييده للتحالف.

المؤكد أنّ الحوثيين صنيعة إيرانية بدعم قطري.. خرجوا صارخين بشعاراتهم من ساحات التغيير.. وتوّج الرئيس هادي الصفقة معهم بإيعاز خارجي قبل أربع سنوات، معلناً قتلاهم في الحروب السّت: شُهداء. مما جعل الجيش الجمهوري يُحجم عن حربهم.

وأنا أكتب هذا المقال، أرسل لي زميلٌ تغريدةً مُطولة، لرئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، جاء فيها أنّ: (الخلاف الخليجي لا يُبرر الدور القطري الداعم للحوثيين)، وعلَّق الزميل عليها بأنّ هذا الموقف جاء متأخراً، فقد صار الدعم القطري معروفاً ومكشوفاً، حتى لعجائز الريف.. كما أنّه لم يصدر رسمياً من أمانته العامة أو هيئته العليا.. مما يعني أنّه أشبه ببالون اختبار.. بعد أن استشعر الإصلاح الخطر الذي يتهدّده بعد إقالة رئيس هيئة الأركان (طاهر العقيلي) والتي سبقها اتهامه من قائد اللواء 35 العميد عدنان الحمادي بتعطيل جبهات تعز وفصل ألوية تابعة له لأغراض حزبية... ولو عُزل أيضاً قائد محور تعز المُقرب من الفريق علي محسن سيُصبِح الإصلاح بدون سند حقيقي، لأنّ نائب الرئيس لن يجازف ويخالف السعودية وما سبق رؤية لصاحب التعليق تحتمل الصواب والخطأ.

أمّا أنا، فأرى أنّ الإصلاح بحاجة لإعلان موقفه من التآمر القطري، ببيان رسميٍّ وواضح، يصدر من قيادته العُليا.. لأنّ الواقع يؤكد أنّ هذه "الدويلة" صارت أشبه بحلقة وصل بين تركيا وإيران، كما أنّها تعبث بوضوح في تعز، ولها نشاطات تحت غطاءٍ خيري، وآخرَ سياسي، بذريعة مواجهة الإمارات.. وكلها تدار من اسطنبول.

وأتمنى أن تكون المعلومات التي كتبها مدير مكتب قناة العربية في اليمن على صفحته غير صحيحة، وهو صحافي وسياسي بارز من أبناء تعز، حيث قال إنّ تعز: (تحوّلت إلى مُقاطعة خارج دائرة المواجهة مع المليشيات الحوثيّة، يجري تحضيرُها لمليشيات بديلة عن مليشيات صعدة، بدعمٍ من قطر.. والعنوان: الإصلاح).. ويفترض أن يُكذبها الإصلاح بالفعل والإنجاز على أرض المعركة.. والإسهام في عملية التحرير مبتدئاً بنزع أحقاد وأغلال الماضي من صدور أعضائه ضد قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام الذين صاروا جزءاً لا بتجزأ من معارك تحرير اليمن من الحوثيين.. فالمعارك الحربية تحتاج للتوحد والأئتلاف، عكس المعارك الحزبية والانتخابية.