ماهر فرغلي يكتب:

الحوثي يُجنّد الأطفال.. والتحالف يؤهلهم

أطفال في عمر الزهور.. خلعوا البراءة واستبدلوها بوحشية السلاح.. كانوا مثل دروع بشرية ذاهبة إلى طرق الموت دون رجعة.. في شوارع صنعاء الحزينة حملت نعوشهم وهي تشكو إلى الله جماعة الحوثي الإيرانية، التي زجّت بهم إلى ساحات القتال بعد أن تركتهم فريسة سوء التغذية، وقلة الرعاية، وانتشار الأوبئة.

دأبت «الحوثي» الإيرانية على استغلال أطفال اليمن بشكل بشع للغاية في حروبها الدموية، وكان سعيها لاستمرار جذوة المعارك وللحفاظ على مقاتليها دافعًا لها لتجنّد يوميًّا شبابًا في أعمار الزهور في اليمن دونما سبب أو وازع حقيقي سوى خدمة أهدافها الدنيئة، بل وأكثر من ذلك أنها تقتلهم في مدارسهم!، وأمس الأول نقلت وكالات الأنباء العالمية أن ميليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، فجّرت مدرستين في التحيتا بالحديدة في انتهاك للقوانين الدولية، نقلًا عن مصادر مطلعة بالمدينة أن تفجير الميليشيا الحوثية للمدارس استهتار بأرواح المدنيين، واستهداف واضح لمقدرات الشعب اليمني وبناه التحتية ومؤسساته.

وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، أمس الأول، أن 4.5 مليون طفل يمني حرمتهم الميليشيا الحوثية الإيرانية من التعليم، فيما أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» في بيان لها، أن ما يزيد على 4 ملايين طفل يمني يواجهون مخاطر الحرمان من التعليم؛ بسبب إغلاق المدارس.

أطفال اليمن في طريق الموت

في وقت سابق من هذا العام، أعلنت الأمم المتحدة أنها تحققت من تجنيد ما لا يقل عن ألف و467 طفلًا في اليمن، واستخدامهم في الصراع المسلح، متهمة جماعة الحوثي الإرهابية بالوقوف وراء عمليات تجنيد الأطفال.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في بيان نقله الموقع الإلكتروني لإذاعة المنظمة الدولية، إنها «تلقت العديد من التقارير، حول تجنيد الأطفال في اليمن، واستخدامهم في الصراع على يد اللجان الشعبية التابعة للحوثيين».

وأشارت رافينا شمداساني، المتحدثة باسم المفوضية، إلى أنه ما بين 26 مارس 2015 و31 يناير 2017، تحققت الأمم المتحدة من تجنيد 1476 طفلًا في أعمال القتال الدائرة في اليمن، جميعهم من الذكور، منوهة بأنه من المرجح أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير؛ نظرًا لرفض معظم الأسر الحديث عن تجنيد أطفالها؛ خوفًا من الانتقام[1].

وأضافت المسؤولة الأممية: تلقينا تقارير جديدة حول الأطفال الذين تم تجنيدهم من دون علم أسرهم، غالبًا ما ينضم هؤلاء الذين تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة إلى القتال؛ نتيجة التغرير بهم أو الوعود بمكافآت بمالية أو مراكز اجتماعية، ويتم إرسال العديد منهم على وجه السرعة إلى الخطوط الأمامية لجبهة القتال، وهي جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية.

في نهاية فبراير 2017، أكدت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان (مقرها لندن) أنها حصلت على أدلة جديدة تظهر أن جماعة الحوثي المسلحة تنشط في تجنيد أطفال للمشاركة كجنود في جبهات القتال في النزاع اليمني، وفقًا لما قالته السيدة سماح حديد نائب المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في العاصمة اللبنانية بيروت: إن عملية تجنيد الأطفال يتم دون رضا ذويهم، ودون علمهم، وإرسالهم للقتال في أماكن يكون موتهم فيها محتمًا، لا تبدو عملية عادية، وليتوقع كل منا بعد هذا كم سيكون عدد الأطفال الذين جندتهم الجماعة عندما تتم عمليات التجنيد بصورة منتظمة وعلى مدار السنة، بعد استقطابهم إلى مراكز التثقيف المشهورة التي استحدثتها الجماعة الحوثية، وهي التي عناها الباحث الأمريكي مايكل نايتس بقوله: لقد تحدثت إلى قاعات دراسية مملوءة بالجنود الأطفال[2].

كما في يوم الجمعة 15  يوليو 2016 أصدرت إحدى المنظمات الحقوقية المحلية تقريرًا مفزعًا عن أطفال اليمن من 2015 إلى 2017.

التقرير نشرته صحيفة مأرب برس، وتحدث عما يقارب ألفي قتيل من الأطفال وأكثر من 4 آلاف مصاب، وما يفوق 500 طفل معوق ومبتور الأطراف، ونحو 20 ألف طفل جرى استدراجهم لمعسكرات التجنيد، و4 ملايين طفل معرض للمجاعة، وأكثر من ضعف هذا الرقم يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة.

ينقل الحوثيون الأطفال إلى معسكرات توجد في محافظات (ذمار - عمران - صعدة - حجة - المحويت - ومناطق تهامة) ومعظم هؤلاء الأطفال ينحدرون من مناطق ذات نمط اجتماعي فقير، وهو ما يشير وفقًا لحيدر إلى أن أجندة رسمية تتبعها الجماعة في عملية استقطابهم[3].

 الخطة الخبيثة لتجنيد الأطفال

خطة الحوثيين في تجنيد الأطفال تبدأ من الصفوف الدراسية الأولى؛ حيث تفرض على أولياء أمورهم تجنيدهم في صفوف الانقلابيين، وإرسالهم إلى أماكن المواجهات العسكرية تحت مبررات وادعاءات مختلفة، أو اختطافهم من المدارس، وفي بعض الأحيان من أحيائهم السكنية وإغراء أسرهم بالمال؛ خاصة للمحتاجين، ثم أخذهم إلى جبهات القتال تحت لافتة «محاربة التكفيريين والدواعش».

كشفت صحيفة «الصنداي تليجراف» البريطانية، الحيل التي يمارسها الحوثيون لاستدراج الأطفال إلى جبهات القتال، فقالت، في قصة مقتضبة لطفل يمني يُدعى عبدالله فاتح، حولته ميليشيا الحوثي من تلميذ في مدرسة إلى مقاتل في الجبهات، وأن الجماعة تُعطي إغراءات للأطفال وأهاليهم من خلال الإيحاء بقدرتها على إعفاء أبنائهم من الامتحانات في حالة كانوا في جبهات القتال.

الأطفال الذين نجحوا في الهروب من الجماعة الحوثية خضعوا لدروس دينية مكثفة لحضهم على المشاركة في القتال، علاوة على تدريب على استخدام البنادق والأسلحة، وقيل لبعض الأطفال في البداية إنهم لن يشاركوا في القتال، ولكنهم سيُسهمون في حمل الأسلحة والذخيرة وتجهيز الإمدادات اللازمة للجنود، غير أن ذلك لم يستمر طويلًا، ولم يحمهم من اللحظات المرعبة في الحرب. 

ونقل المركز الإعلامي للجيش الوطني شهادات لأطفال وقعوا في الأسر، تتراوح أعمارهم ما بين 13 – 16 عامًا، يشرحون فيها طريقة خداعهم من قبل الميليشيات، والزج بهم في الصراع المسلح بالإكراه.

ويروي أحد الأطفال (13 عامًا)، أن «الحوثيين أخذوه من مدرسته في منطقة واسطة بمديرية عنس، محافظة ذمار، بحجّة تلقيه دورة تدريبية لمدة يومين فقط، ثم سيعيدونه إلى منزله، لكنه اكتشف في الطريق أنهم ذاهبون به مع زملائه إلى جبهات القتال في بيحان، وقالوا له إنه سيقاتل الأمريكيين والإسرائيليين، وعلى الرغم من إصرارهم على عدم المشاركة، فإنهم يُواجهون تهديدات بالقتل في حال الهرب أو الرجوع».

في وثيقة مسرّبة نشرتها صحيفة الخليج مؤخرًا، فقد أصدر أحد كبار قادة الميليشيات الحوثيين أمرًا موجهًا إلى نائب وزير التربية والتعليم في حكومة صنعاء الانقلابية يطلب فيه إعفاء الطلبة الذين يقاتلون مع الحوثيين من الاختبارات السنوية للعام الحالي، وعددهم حسب الخطاب 2864 طالبًا، أدرجت أسماؤهم في قوائم مرفقة بالخطاب، و«اعتبارهم ناجحين تقديرًا لجهودهم العسكرية».

وتستغل جماعة الحوثي الوضع المعيشي لبعض الأسر للدفع بهم إلى إرسال أطفالهم إلى التجنيد ضمن صفوف المسلحين التابعين للجماعة، مقابل بعض المساعدات التي تقدمها الجماعة لتلك الأسر، في حين أنها تمارس عملية التعبئة والتحشيد مع أولئك الأطفال حتى تقنعهم بالذهاب إلى المعارك حتى في حال رفض الأهالي.

كما تستخدم الجماعة الإيرانية الترهيب والترغيب والقوة أحيانًا في السيطرة على تلك الأماكن، حيث فرضوا مناهجهم الطائفية، ومنها كتب لبدر الدين الحوثي وحسين الحوثي ومحمد بدر الدين الحوثي وغيرهم، كما فرضوا مدرسين ومديرين من الجماعة على تلك المراكز والمعاهد، وطلبوا من الأهالي في كثير من المناطق إرسال أبنائهم لتلك المراكز، ومن يرفض يعتبر خصمًا وطابورًا خامسًا داخل المجتمع، ويضعون عليه دائرة حمراء في تصنيفاتهم، وهذا في شهادة نقلتها صحيفة أخبار اليمن.

التحالف يواجه خطط قتل الأطفال

صانعة الأفلام والمخرجة الأردنية نسرين الصبيحي، التي حصلت خلال الأسبوع الماضي على جائزة مهرجان مدريد السينمائي الدولي، وذلك عن فيلمها «وما جاء الفجر» الذي يتحدث عن معاناة أطفال اليمن، تناولت في فيلمها نماذج من الضحايا الأكثر تضررًا من الحرب الدائرة في اليمن، وهم الأطفال، وقالت في تصريح إعلامي إن اشتغالها على الأطفال يأتي انطلاقًا من كونهم الضحية الصامتة.

وفي مواجهة خطط قتل الأطفال الأبرياء، نظمت قوات التحالف العربي، رحلة غير اعتيادية، في مهمة إنسانية تستهدف الأطفال اليمنيين، لتعريفهم بأنواع الألغام ومخاطرها، والتي زرعتها بين السكان عشوائيًّا، حسبما أوردت سكاي نيوز، ورفع الأطفال عشرات اللافتات التي كُتب عليها عبارات تدعو لوقف الحرب على اليمن، وحمايتهم من القصف الذي يستهدفهم بشكل متواصل في منازلهم وفي مدارسهم من قبل الحوثيين.

وفي يوم الثلاثاء 2018.7.10 أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة، الالتزام الجاد للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بتحمل كامل مسؤولياته المتعلقة بحماية جميع المدنيين، خاصة الأطفال.

كما أكدت التزام التحالف بمواصلة جهوده الهادفة أيضًا إلى تخفيف آثار النزاع على المدنيين والأطفال، بالتنسيق التام والوثيق مع جميع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة على الأرض.

وفي البيان الذي استعرضته لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، أمام المناقشة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي يوم 20‏ مايو 2018، أكدت دعم التحالف العربي لأطفال اليمن، عبر تقديم دعم متكامل لبناء مدارس جديدة.

وحسب وكالة الأنباء السعودية يوم الأربعاء 18 أبريل 2018 اطلع الأمين العام للأمم المتحدة على معرض يوضح جسامة الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران ضد الأطفال والمدنيين داخل اليمن، في انتهاك بارز للقانون الإنساني الدولي.

كما جرت مناقشة ملف اعتداءات الميليشيات الإيرانية الحديثة منذ سنوات وإيضاح مبادئ وأخلاقيات قوات التحالف في الجانب الإنساني والتنسيق مع المنظمات الدولية، سواء من المواد الغذائية والدوائية، ومن ذلك تسهيل الخروج الآمن لمن يرغب من المدنيين والبعثات الدبلوماسية العاملة في اليمن، إضافة إلى تنسيق جميع تحركات القوافل الإنسانية للمنظمات الدولية لضمان سلامتها خلال العمليات العسكرية، وذلك بالتنسيق المباشر والمستمر مع الحكومة اليمنية الشرعية.

زعماء الجماعة الحوثية الإيرانية يواجهون الإصلاحات بالجرم والإرهاب، ولم يدركوا فداحة الذي يرتكبونه بحق أطفال اليمن، وجل ما يفعلونه الآن، محاولتهم إخفاء معالم الجريمة وليس إيقافها ومنعها، ولم يعد خافيًا الانتهاكات التي يتم تصنيفها في كثير من البلدان، كجرائم ضد الأطفال والإنسانية، وبينما هم يقومون بتجنيدهم في ساحات القتال، يسعى التحالف العربي إلى تأهيلهم وتحريرهم.