محمد عباس ناجي يكتب:

نجوم في سماء الجنوب المحتل (6)

اعزائي القراء الكرام بمناسة شهر رمضان الكريم سأذكر لكم شذرات مختصرة عن بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب الجنوبيين العظام.. وفي هذه الاسطر القليلة سأذكر بعض المعلومات عن صحابي جليل وقائد شهير وعظيم هو: الاشعث بن قيس بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بن ثور الكندي.. يكنى ابو محمد.

هو من مواليد النصف الاخير من القرن السادس الميلادي.. ولد في حضرموت في قصر النحير.. وكان ابوه احد اقيال حضرموت الشهيرين وتوفى قبل البعثة النبوية بسنين قليلة وله سيرة عطرة سنتحدث عنها ذات يوم.. فورث الاشعث الحكم عنه.. فكان الاشعث هو الذي ترأس وفد كندة الى النبي في السنة العاشرة الهجرية فاستقبلته المدينة المنورة رجالها ونسائها وفي المقدمة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابو بكر وعمر رضي الله عنهما.. فقام الاشعث الكندي بذبح الانعام حتى شبع اهل المدينة.

ولمكانته الاجتماعية العظيمة تزوج الرسول باخته (قيلة) ولكنها لم تصل الى المدينة الا بعد وفاة النبي.. وزوجه الخليفة ابوبكر باخته (ام فروة) وتزوج الحسن بن علي بن ابي طالب بابنته (جعدة). رضي الله عنهم جميعا.

كان هذا الصحابي من قادة الجيوش الاسلامية في معركة القادسية واليرموك وفتح العراق والشام وقاد فتوحات اسيا الوسطى واصبح اول والي لاذربيجان.. وله في كل ذلك مآثر رائعة ومقولات شهيرة تعبر عن حكمته القيادية وادواره البطولية التي احتفظت بها المصادر الاسلامية.

كما انه كان احد قادة جيش الامام علي المضاد لجيش معاوية رضي الله عنهم جميعا في الفتنة التي حدثت بين المسلمين.. وهو الذي تزعم الصلح بين الطرفين.. فتوفى هذا الصحابي الجليل في سنة اثنين واربعين هجرية في الكوفة بالعراق فصلى عليه الامام الحسن بن علي.. فخلفه في القيادة ابنه محمد بن الاشعث وبعد استشهاد الفارس العظيم محمد خلفه في القيادة ابنه ابراهيم بن محمد وهذا الاخير قائد عظيم تمكن من هزيمة جيوش الخليفة عبدالملك بن مروان بن الحكم التي كان يقودها الحجاج بن يوسف الثقفي وسنتحدث عن محمد وابنه ابراهيم في حلقات اخرى لانهما نجمان عظيمان. بل ان عشرات من افراد اسرة الاشعث الكندي كانوا من الصحابة والتابعين وقدموا ارواحهم شهداء في سبيل الدفاع عن الاسلام ونشره.. رضي الله عنهم جميعا.

وانا اقراء في كثير من المصادر الاسلامية التي تحدثت عن التاريخ الاسلامي خلال اربعين عام لم اجد واحد منها يخلو من ذكر هذا الصحابي الجليل والقائد العظيم.. حيث ذكر في مئات الصفحات وحينها ذرفرت عيناي الدموع ان رجل عظيم بهذه المكانة الكبيرة لم نكن نعلم انه ينتمي الى ارض وطننا العربية الجنوبية ونجهل تاريخه ولم يذكر في مناهجنا الدراسية وذلك خارج عن ارادتنا فقد اصاب الله شعبنا ووطننا بقيادات سابقة وحالية بما فيها من يدعون اليوم انهم يمثلون ارادة شعبنا لا يهتمون بتاريخ شعبهم.. ونسأل الله بحق هذا الشهر الكريم ان يرفع عنا هذا البلا ويرزقنا بقيادات تهتم بتاريخ شعبها.. انه سميع مجيب.. فقمت بتدوين عدة صفحات عنه في كتابي ( تاريخ العربية الجنوبية من فجر الاسلام الى الاحتلال البريطاني) محاولة مني لانصافه والدفاع عن تاريخه المشرق ونفي الاقاويل الزائفه التي وسمه بها بعض الرواة والمؤرخين المغرضين بالاستناد الى احاديث صحابة اخرين ومؤرخين منصفين سائلا الله العلي العظيم ان يأتي ذات يوم قريب ويهدي طالب او طالبة من طلاب العربية الجنوبية ويدرس تاريخ نجمنا اليوم ويخرج عنه ليس مؤلف واحد وانما عدة مؤلفات ينال بموجبها اعلى شهادة علمية لتعرف الاجيال القادمة انها تنتمي الى امة لها تاريخ عريق وعظيم وليست بتراء الجذور كما يدعي مزوري التاريخ.

رحم الله هذا الصحابي الجليل والقائد العظيم الاشعث بن قيس الكندي واسكنه فسيح جناته.. ونقول له بعد اكثر من الف واربعمائة سنة انه لشرف عظيم لوطننا العربية الجنوبية انها انجبت رجل مثلك سيظل نجم ساطع يحلق في سمائها الى ما شاء الله.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ونحن معهم بحوله وقوته.. أمين.