جهاد الحجري يكتب:
شبوة تهزم المخبولين
بالأمس، دحرت شبوة المحتل الحوثي، وها هي اليوم تدحر الإخوان من أطرافها وتنتصر لإرادة الشعب الجنوبي الحر، الرافض للاحتلال وأذنابه.
ولم تكن معركة شبوة إلا علامة فاصلة في تاريخ المحافظة، وما بعدها لن يشبه ما كان قبلها، فقد أدرك الجنوبيون عمق المخطط الإخواني لتفجير الوضع أمنيا في المحافظة عبر جلب ميليشيات الحوثي والقاعدة، وكانوا لهم بالمرصاد قبل أن يتحقق لهم ذلك.
وعلى قوات النخبة الشبوانية اليوم، أن تؤمن ما تبقى من مناطق المحافظة، فشبوة منطقة جنوبية ولن تحميها إلا سواعد أبنائها الأشاوس، أما غيرهم من دعاة وأذناب الاحتلال، فسيرحلون عنها كما رحلوا عن غيرها. فالمجلس الانتقالي ماض في فرض هيبة الدولة الجنوبية على كامل ترابها الوطني ولن يثنيه عن ذلك تنظيم الإخوان المسلمين، أذناب قطر وتركيا وإيران.
معركة شبوة وضعت مصداقية حزب الاخوان على المحك، لاسيما موقفهم تجاه دول التحالف العربي، بعد هذيان إعلامي غير مسبوق، حملوا فيه المملكة والإمارات مسؤولية الهزيمة، بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك ووصفوا الدولتين الشقيقتين بالاحتلال والتعدي على ما وصفوه بالشرعية وقواتها.
والفجور في الخصومة هي سياسة اعتاد عليها حزب الاصلاح، ولم تكن شبوة ومقاومتها إلا سبباً لفضح نواياهم، وحقيقة وقوفهم إلى جانب دول التحالف العربي المشكوك فيه منذ بداية عاصفة الحزم التي أيدوها في العلن خوفاً من أن يلاقوا مصير الحوثي، وأبقوا على ولائهم له في السر، حتى لا تحقق العاصفة أهدافها المرجوة.
وسبق وأن حذر كتّاب ونشطاء جنوبيون من خطورة المؤامرة التي تُعد لها جماعة الإخوان في شبوة، عبر تمكين القاعدة ومن ثمَّ الحوثي من المحافظة حتى لا يخسروا صادراتها النفطية التي تبلغ خمسين ألف برميل في اليوم الواحد، وحتى لا يخسر الحوثي أيضا أحد الممرات الحيوية لتهريب السلاح إلى الشمال.
سياسة حزب الاصلاح في شبوة هي امتداد لمشروع الاحتلال التدميري، ولذى كان على أبناء الجنوب أن يحبطوا ذلك المخطط الإجرامي، بعد أن اتضحت كل معالمه التي لا تخدم شبوة ومحيطها الجنوبي، وإنما تخدم تحالف الاحتلال الحوثي – الاخواني الناقم على المحافظة وأبنائها.
المعركة التي انتهت بانتصار ساحق للنخبة الشبوانية، أثبتت هشاشة وضعف الجانب العسكري لدى الشرعية والإصلاح، وهو السبب الذي يجبرهم على التحالف مع الحوثيين بعد أن وجدوا فيهم ضالتهم المنشودة عسكرياً.
فلو كان الاصلاح قادراً على خوض معركة الضالع لخاضها منذ زمن، إلا أنه قدًّم الحوثي، وتوارى خلف الأقنعة حتى يسهل عليه تمكين إخوانهم في التطرف من رقاب الجنوبيين.
شبوة انتصرت وتفوقت على الرغم من ماكينة الإخوان الإعلامي الهائلة، وهو الخطر الحقيقي على الجنوب ووحدته واستقلاله في الحاضر المستقبل.
فحزب الإصلاح يمتلك آلة إعلامية ضخمة، من محطات تلفزيونية وإذاعية وإعلام رقمي وشعبي وديني، تصب كلها في بوتقة واحدة وهي تمكين مشروع الاحتلال، من جديد والنيل من عزيمة الشعب الجنوبي ومضيه نحو الاستقلال.
ففي الجنوب، تعمل تلك الآلة على إقناع الجنوبيين بالتخلي عن مشروعهم الوطني المتمثل في الاستقلال، والتمسك بالشرعية ونظامها المتداعي فهي أرحم من أي حكومة جنوبية قادمة.
إضافة إلى الترويج بأن عصا الحوثي قادمة وليس بمقدور أي قوة جنوبية على ردعها، لذى الأسلم هو عدم مقاومتها.
وهناك في الشمال، يمارس الإعلام الإخواني دوراً تضليلياً آخر، يدعوا فيه الناس إلى الاحتشاد حول الحوثيين في معاركهم مع الجنوب، فالجنوبيون لا يسعون إلى الاستقلال فقط، بل وقتل وسحل كل اليمنيين، لذى يجب محاربتهم في عقر دارهم قبل أن تتقوى شوكتهم ويهاجموا ويحتلوا الأراضي اليمنية.
لم يكتفي الإخوان بكل ذلك اذ استغلوا بشكل مقزز النفس المناطقي لدى الشماليين خاصة في تعز، حيث يروجون لجرائم بشعة وهمية يقولون أنها تستهدف تلك الفئة من قبل الوحوش البشرية في عدن والضالع وغيرها من المحافظات الجنوبية.
ولولا ذلك التحريض المقيت في الشمال، لما حظي الحوثي بكل هذه الأعداد الهائلة من المقاتلين الذين انضموا للميليشيا خوفاً من البطش الافتراضي القادم من الجنوب.
لذا فالقيادة السياسية في الجنوب معنية اليوم بأمرين مهمين، الأول هو تعزيز دور التثقيف الإعلامي المقاوم للإعلام التضليلي التابع لحزب الإصلاح.
وثانياً، العمل على فك التحالف الشيطاني بين الحوثيين والإخوان عبر تبني خطاب إعلامي موجه لأبناء الشمال لطمأنتهم من أن الجنوب لا يسعى إلا إلى الاستقلال، وليس لديه أي مطامع في التواجد على الأراضي الشمالية، بل على العكس فهو المتضرر الأول من الوحدة والمستفيد الأول من سقوطها.
وأن مستقبل العلاقات بين البلدين سيكون أخوياً إذا كف كل طرف عن إلحاق الأذى بجاره، وهي رسالة إعلامية يستطيع الجنوب إيصالها بسهولة لأنه فعلياً لا يريد أي صراع مع الشمال بعد استقلال دولته الجنوبية.