جهاد الحجري يكتب لـ(اليوم الثامن):

انتصار الجنوب يبدأ بتفعيل جبهة الشمال ضد الإخوان

حزب الاجرام الإخواني، والذي يشكل نواة ما يُعرف باسم حكومة الشرعية، يسعى اليوم إلى تشكيل حلف همجي آخر، لإعادة احتلال عدن والجنوب، على غرار ما فعل في صيف 1994، مستغلاً التعاطف الخارجي للحكومة المعترف بها دولياً.

وفي حال نجح الاصلاح في حشد المكونات السياسية والقبلية في الشمال ضمن مكونات ذلك الحلف، فإن المأساة الجنوبية ربما تستمر لعقود أخرى قادمة، حيث أنه من الصعب الصمود في وجه كل تلك الجحافل التي ربما تزحف على عدن بمبررات دينية وقبلية، وأخرى لها تتعلق بالنهب والسلب.
ويلعب الإصلاح اليوم على كل تلك الأوراق، ويحرض جميع تلك الفئات، كل منها حسب دوافعه، باتجاه هدف واحد، ألا وهو إبقاء الوصاية الشمالية على الجنوب، وعدم السماح للشعب الجنوبي بالسيطرة على أي من ثرواته المنهوبة منذ قيام الوحدة المشؤومة في مايو 1990.
والأخطر هو أن من الصعب على المملكة العربية السعودية، أن تقف في وجه تحركات تلك الحكومة، بعد أن حشدت تحالف دولي لاستعادتها، لذا علينا أن نركز على تفعيل كل المنظومات الدفاعية الجنوبية بمختلف أشكالها.
فالجنوب في هذه المرحلة يمتلك مقومات ضخمة تؤهله إلى حد كبير للوقوف في وجه تلك الأطماع، وقطع الطريق أمام أحلام الجنرال العجوز علي محسن الأحمر، أحد مهندسي احتلال الجنوب، وأبرز الضالعين في ارتكاب مجازر حرب دموية بحق أبنائه.
أبرز تلك المؤهلات أننا نمتلك اليوم مؤسسات أمنية وعسكرية وترسانة سلاح ضخمة، تعادل إلى حد كبير ما يمتلكه الطرف الآخر من مقومات.
إلا أن حزب الإصلاح تعود على أن يخوض معاركه بسواعد غيره، فهو يحشد اليوم جميع المكونات الشمالية الأخرى، بما فيها ميليشيات الحوثي، حتى يتغلب على ورقة الفارق الكمي بينه وبين القوات الجنوبية.
وفي حال نجح الإخوان في التحالف مع الحوثي وحشدوا إلى جانبهم القبائل والمتفيَّدون، فإننا لا محالة سنكون أمام سيناريو 94 وستكون خسائرنا العسكرية كبيرة جداً، حتى لو استطعنا في نهاية المطاف دحر ذلك الاحتلال.
لذلك يجب تفعيل ورقة التحالفات السياسية باتجاه الشمال، واللعب على ورقة الصراع الطائفي بين الإخوان والحوثي، بهدف ثني الأخير عن المشاركة في أي تحالف إرهابي لاحتلال الجنوب.
وفي حال نجحت الدبلوماسية الجنوبية في عزل الحوثي عن الإصلاح، فإن الكثير من القبائل المؤيدة للحوثي أو المتحالفة معه، ستنأى بنفسها وتترك ذلك الحلف، فالقبائل في الشمال بطبيعتها لا تفضل أن تكون خارج أي إجماع، بغض النظر عن مسألة الصواب والخطأ.
كما أن الحوثي يتعطش للسيطرة على مأرب لأسباب كثيرة، منها أنه له فيها الكثير من المؤيدين ممن تعرضوا لجرائم إبادة من قبل تنظيم الإخوان على أساس طبقي وعقائدي. إضافة إلى أطماعه في ثروات المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
إضافة إلى أن الكثير من أبناء مأرب قد ضجوا من هيمنة عائلة الأحمر وزبانية الإصلاح، خاصة بعد المحرقة التي تعرضوا لها في الجنوب بسبب تورطهم في حروب الإخوان.
فأرضية مارب خصبة اليوم للحوثي أكثر من أي وقت مضى، وستكون شبوة المستفيد الأول، حيث ستأمن من أي غزو قادم من هناك لعدة سنوات، وهذا ما يحتاجه الجنوب اليوم، لتأمين إعلان دولته المستقلة، واستعادة كامل حقوقه المنهوبة.
كل تلك التفاهمات مع الشمال، يجب أن تكون عاجلة، فالجنرال وزبانيته يلعبون على كل المستويات، وهاهم اليوم يحشدون من مارب وتعز، وقد نفاجئ بحشود أخرى من البيضاء والضالع في حال تركنا ميدان حرب السياسة خالياً أمامهم.
وعلينا أن نأخذ بالحسبان أن الجنوب في حرب 94 هُزم بسبب أنه لم يعقد بعض المصالحات مع القبائل في الشمال، ونسي تفعيل ورقة الدين المضاد تجاه تنظيم الاخوان الإرهابي المتطرف.
وقد أصبحت الساحة الدينية مفخخة أمام الإصلاح، فقد احتل الحوثي مساحة لا بأس بها من السلطة الدينية، وأصبح ينازع الإخوان في تسييس الدين، بل ويفوقه في أحيان كثيرة، كما حدث في صنعاء وعمران وغيرها من المعاقل السابقة لحزب الشيطان.