فيصل الصوفي يكتب:

الجنرال... والمسكين!

صارت مقولة الجنرال العجوز ملازمة للواء السابق، الفريق الحالي علي محسن صالح الأحمر، مثل شريط لاصق، كونه –طال عمره- قد تعدى السنة الثمانين من يوم ولد.

من الناحية العملية ما يزال الرجل شاباً، ولو كرهت منظمة الصحة العالمية التي حددت آخر فترة الشباب عند السنة الرابعة والستين.. هذا الرجل الذي صيره الرئيس هادي نائباً له، هو رئيس الرئيس هادي في الحقيقة، بينما يغفله اللائمون ويطلقون نيرانهم إلى جهة هادي، حتى إن بعضاً منهم صار يعتبر الأخير مشكلة كبيرة أو مصيبة وطنية، وينادون التحالف العربي بإزاحته كي تصلح أمور الشرعية وأمور البلاد، ويتجاهلون استحالة هذا المطلب في الوقت الراهن لأسباب مفهومة.. ولو شئنا ذكر أهم هذه الأسباب لقلنا إنه قد أصبح لافتة الشرعية التي من أجلها كانت عاصفة الحزم التي استدعاها بسبب لعبته غير الذكية مع الحوثيين الذين طوحوا به في النهاية.. لقد جعل هذه اللافتة مصدر قوته الآن.. وبالمختصر الرئيس راكن إلى هذه فحسب (للفائدة نذكر هنا مثلاً شعبياً شائعاً على ألسن أهلنا في القبيطة يقول: ازقر قال قانا مكاري.. وأصل المثل أن مغترباً في السعودية عاد فلما وصل بلدة الراهدة استأجر حماراً للركوب إلى قريته، وكلما كان سائق الحمار يطلب منه أن يزقر (يتمسك) بالبردعة كي لا يقع من على ظهر الحمار، يرد بالقول: قانا مكاري.. أي قد دفعت لك الكراء أو الأجرة مقابل أن تتكفل بوصولي إلى قريتي سالماً، فإن سقطت فعليك تحمل العواقب).

بالنسبة لنا صرنا نشعر بالإثم كلما وجهنا اللوم نحو الرئيس هادي بسبب ضعف أداء الشرعية، ونعتقد أن علينا تقدير قلة حيلته وموهبته.. نلومه في حين أننا ندرك أنه مسكين الله، يستأهل رحمة اليهودي.. مسكين، مسير، معمعي، وكل ما في الأمر أن صاحبنا صنعته أزمة 1993 وحرب صيف 1994 التي بعدها صيره الرئيس علي عبد الله صالح نائباً له، وبصفة خاصة نائب رئيس جمهورية لشئون الجنوب، حيث أوكل إليه مهمة النظر في كل الملفات الجنوبية، بداية من العسكر ومروراً بملف الأراضي والمبعدين والمقاعدين قسراً، وغير ذلك من نثرات حرب 1994 وتطوراتها، ثم صار معنياً بإطفاء الحرائق التي أوقدتها مجموعات الحراك الجنوبي بالحق وبالباطل، لكنه ألقى إليها مزيداً من الحطب والزيت.. ما فعل شيئاً يحمد عليه في الشمال، ولم ينجز واحدة من المهام المذكورة في الجنوب، حتى إن دائرته الانتخابية في مديرية الوضيع آلت إلى سلطة جماعة أنصار الشريعة، وقبلها كان المعارضون يفوزون بمقعدها في كل الدورات الانتخابية النيابية وهو ليس نائب رئيس جمهورية فحسب، بل أيضاً كان نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي الحاكم..

نعود إلى ما بدأنا به وهو ذاك الشاب المسن الذي يسمونه الجنرال العجوز.. الفريق علي محسن الأحمر.. في سبتمبر 2014 كان الرئيس هادي يود لو أن الحوثيين أجهزوا عليه بعد أن سيطروا على الفرقة الأولى مدرع، لكنه نجا بنفسه إلى المملكة، ومن عبث الأقدار أنه بعد ذلك صار رئيس الرئيس هادي، بل هو هادي عينه بزينه.. وهو الجيش الوطني، وهو الوكيل المعتمد، وهو الشمال والجنوب والشرق والغرب، أما الرئيس هادي فمجرد زينة، دوره أن يقول: آمين، وفي أقوى حالاته أمام العجوز يحوقل (لاحول ولا قوة...). ويأتي من يقول عنه: الجنرال العجوز.. جنرال عجوز يا منومين! وأنتم تدرون أنه صاحب ستين سنة حرب وأزمات وجمهورية وملكية وإخوانية وليبرالية وتخلف وعصرنة وإرهاب.. هو عراب شيوخ القبائل، ووكيل الوكلاء وإمام المقاولين، وقائد قواد القبائل والتجار والمثقفين والمبدعين والإرهابيين، وهو أشد المخلصين لوحدة 22 مايو، وداعية الأقاليم الستة في الوقت عينه.. زيدوا لاحظوا تغريدته قبل الأخيرة، ففيها قال كلمته المحببة: بقعة.. إنه أمير البقع، وسيد التباب ورئيس الرئيس.. ثم تسكتون عنه وتذهبون تهاجموادن رجلاً مسكيناً، ولا تقدرون حتى إنه مغترب لا يدري ما الذي يجري في هذا الوطن.