جهاد الحجري يكتب لـ(اليوم الثامن):
موقع الإخوان الإرهابيين الجيوسياسي بين الشمال والجنوب
يحاول بعض المتحذلقين من أبناء الشمال الفصل بين حكومة الشرعية والإخوان، في محاولة للتقرب من الشعب الجنوبي وقيادته، والمتاجرة بالقضية الجنوبية التي تورط فيها كل القوى السياسية في الجمهورية العربية اليمنية.
وتوظف بعض الجهات الشمالية وعلى رأسها حزب المؤتمر الشعبي العام، آلتها الإعلامية في سبيل تحقيق مكاسب حزبية ضيقة، عبر تزييف مواقفها التاريخية المشينة بحق الجنوب أرضاً وإنسانا.
إلا أن الجميع يعلم أن تنظيم الإخوان المسلمين هو مكون أصيل في السياسة اليمنية منذ اليوم الأول لتأسيس جمهوريتهم الوهمية، وعمل ذلك المكون في كل مراحل الرؤساء الشماليين ابتدأً من السلال وانتهاءً بعبدربه منصور، الذي ورث تلك الدولة بكل أركانها بما فيها تلك الجماعة الإرهابية.
وكل ما يزعمونه أن هادي هو من مكَّن الإخوان من السلطة غير صحيح، فهادي مغلوب على أمره في كل ذلك، ولا يتحمل مسؤولية فساد وخراب السلطة المنكوبة في الشمال من قبل مجيئه بعهود طويلة.
ولو تكلمت تلك الأقلام المأجورة بشيء من الشفافية، لاعترفت أن نظام عفاش تحديداً هو أكثر من مكن الإخوان المسلمين في الشمال، ومنحهم حزباً سياسية وجامعة ضخمة تنتج الالاف من الإرهابيين سنوياً، بدعم وتمويل وإشراف عفاش نفسه.
ويرتبط اسم عفاش بذلك التنظيم أكثر من بقية الزعماء اليمنيين، لما لهم من تاريخ وذكريات مشتركة، تمحورت كلها حول قمع واضطهاد وتكفير الشعب الجنوبي، قبل وبعد نكبة 94.
وفيما يخص حكومة الشرعية الحالية، فمن المستحيل فصلها عن تنظيم الإخوان، لأنهم وبكل بساطة جزء رئيسي منها، ويسهمون قبل غيرهم في صناعة قراراتها وسياساتها التخريبية، وعليه فلا فائدة ترجى من تصفيتها من الإرهاب طالما والإرهاب هو من يديرها.
فالشمال بشكل عام هو الحاضن الرئيس لتلك الجماعة، ويتعايش معها الشعب هناك بشكل طبيعي دون تحرج من مواقفها الداعة للإرهاب، والمؤيدة للقتل والاختطاف بحق كل من يخالفها في الرأي.
ولذلك لا يبدي قادة الإصلاح إهتماماً كبيراً بتحرير صنعاء، لأنهم جزء منها، ولا قلق بالنسبة لهم في بقاء الحوثي أو خروجه منها، فما يجمعهم هناك، أكثر مما يفرقهم.
والقاعدة تنطبق أيضاً على المؤتمر الشعبي العام المناهض للحوثيين، فهم في أي لحظة سيعودون إلى صنعاء باتصال واحد فقط مع محمد البخيتي، ولذلك تبقى رحلاتهم من وإلى الحوثي خبراً روتينياً لا يتفاجأ به من يعرف تفاصيل الحياة الاجتماعية في الشمال.
الكارثة بالنسبة للإخوان تكمن في الجنوب العربي، الذي يرفض التطرف والإرهاب جملة وتفصيلاً، ولا يقبل التعايش مع دعاة الجهل والتخلف والرجعية.
فالشعب هناك يتميز بقدر عال من الثقافة والانفتاح والوسطية، أنتجتها قرون من المدنية، التي أصبحت جزءاً من هوية كل مواطن ومواطنة في الجنوب العربي.
وقد فشلت كل محاولات الإخوان ونظام عفاش في تدجين شعب الجنوب، وتحويلهم إلى مسوخ كما سبق وفعلوا بحق شعب الشمال، بل أن معظم الشماليين الذين عاشوا في عدن أصبحوا سفراء لتلك المدنية، ونقلوا كثيراً منها إلى قراهم الخاوية من كل أشكال المدنية.
وهذا ما يؤكد استحالة الوحدة بين هذين الشعبين، فكل منهما له وضعه المختلف تماماً عن الآخر، وكل من يريد أن يقدم خدمة للجنوب، فما عليه إلا أن يقبل بتحريره واستقلال أراضيه، بعيداً عن الشمال، وأوجاعه المزمنة التي لا تنتهي.