جهاد الحجري يكتب:

لماذا يحترم الإخوان جماعة الحوثي الإجرامية؟

إذا ما عقدنا مقارنة بسيطة بين الصراع الحوثي – الإخواني من جهة، وبين الصراع الإخواني – الجنوبي من جهة أخرى.

سنجد أن الحوثيين هم الطرف المعتدي في كل حروبهم مع الإخوان، وقد ارتكبوا بحق حزب الصلاح أبشع أنواع الجرائم، بما فيها اقتحام منازلهم وغرف نومهم وتشريدهم في أصقاع الأرض، بين تركيا وقطر وغيرها من بقاع العالم.

وإلى اليوم لا تزال جماعة الحوثي تمعن في تعذيب وإهانة من تبقى من عناصر الإصلاح في صنعاء وغيرها من الناطق التي يسيطرون عليها، ولا يكاد يمر يوم دون أن نسمع بجريمة جديدة بحق إصلاحي هنا أوهناك، وبعضها ترقى إلى أن تكون جرائم ضد الإنسانية.

وقد اعتاد الحوثيون على صفع قيادات الإصلاح بالأحذية في كل تحقيق أو مناسبة تستدعي تواجدهم معاً، وهو أمر لا ينكر أنصار حزب الإصلاح ويتحدثون عنه بكل بساطة.

ومع ذلك لا يحمل الإخوان في نفسهم أي مشاعر حقد وكراهية ضد الحوثيين، باستثناء تلك التي يصرحون بها على وسائل الإعلام من قطر وتركيا، أما على الأرض فهم مهزومون نفسياً وعسكرياً ويحسبون ألف حساب لعصا الحوثي وسياطه التي لا ترحم.

بل تجاوز الأمر إلى أن شيوخ ومساجد الإصلاح في الشمال تدرس اليوم الفكر الحوثي، وتعمل على نشره في أوساط الجهلة اليمنيين، حتى لا يثيروا غضب فتى مران فيسلط عليهم عذابه مجدداً.

وقد أقدم الكثير من قيادات الإصلاح على مصاهرة الحوثيين حتى يأمنوا جانبهم، كما فعل أسعد الشرعي وخالد الآنسي والقائمة تطول مع مرور الأيام.

بينما نجد الصراع الآخر للإخوان مع الجنوبيين يختلف تماماً، فهم يظهرون العداء قولاً وفعلاً، ولا يتورعون في التنكيل بالشعب الجنوبي منذ اليوم الأول للوحدة المشؤومة وحتى اليوم، ولا يردهم عن قتل الجنوبيين إلا العجز، ولو توفرت لهم الإمكانيات والشجاعة اللازمة لما استثنوا صغيراً ولا كبيراً إلا وقتلوه أو عذبوه.

رغم أن الطرف الجنوبي هو الضحية دائماً، ولم يسبق أن اعتدى عليهم أو على أي طرف شمالي آخر، خارج حدود الدفاع عن النفس، إلا أن الإصلاح يصر على تكفير وإباحة الدم الجنوبي، وتظهر فتاويه عملياً يوماً بعد آخر.

والسبب في ذلك أن الإخوان تعودوا على الضرب بالأحذية أينما ذهبوا، وبمجرد أن يجدوا طرف متحضر ومتمدن كالجنوب، فسيحولونه إلى خصم حتى ينتقموا لهزائمهم المتتالية من الأطراف الأخرى.

ورغم خلافنا مع ميليشيا الحوثي وجرائمها، إلا أنها الطرف الوحيد الذي يتعامل مع الإخوان بما يستحقونه، وكل ما أقدم عليه الحوثي من جرائم بحقهم تبقى قليلة مقارنة بما يرتكبه الإخوان بحق الشعب الجنوبي.

فالإرهاب لا يردعه الا الإرهاب، وعلى حزب الإصلاح وشرعيتهم المهترئة الاًّ ينخدعوا بالوجه الجميل للمجلس الانتقالي، فهناك وجه آخر لا يقل بشاعة عن الوجه الحوثي إذا ما أصروا على تصعيدهم ورفضهم للتهدئة والحوار.

فلن يقبل الانتقالي، وهو ممثل الجنوب الشرعي، أن يبقى شعبه مقموعاً دون أن ينتقم ويرد له الاعتبار، وقد يأت اليوم الذي تترحم فيه جماعة الإخوان على القمع الحوثي وتتمنى لو أنها تجنبت الصراع مع شعب الجنوب.

وكما يقول المثل العربي، “اتقوا شر الحليم إذا غضب” ولا ينقص الجنوب شيئاً من أخلاق ومروء العرب الأوائل، فهو لا غيره الوارث لهم ولتاريخهم المجيد