جهاد الحجري يكتب:
فرص نجاح اتفاق جدة ودور المملكة في رعايته
لا يزال من المبكر الحكم بنجاح اتفاق جدة من فشله، فالمستقبل القريب هو من يحدد ذلك، سواءً لصالح الجنوب، أم أنه على خلاف ذلك.
ولكن يجب أن نبقى متفائلين ليس لشراكتنا الجديدة مع الشمال، بل لثقتنا الكبيرة المطلقة في القيادة الجنوبية المتمثلة في الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي وبقية اعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي.
كما أنه انعكاس للثقة والاحترام المتبادل مع المملكة العربية السعودية وقيادتها متمثلة في خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
وحتى لولم تنجح مخرجات ذلك الاتفاق، فإن الأهم هو الثقة في القيادة، وعدم السماح للطابور الخامس الإخواني بزعزعتها، وفي حال تحقق لهم ذلك فقد خسرنا في جميع الأحوال.
أما إذا استمرت الثقة، فإن القيادة ماضية في تحقيق خيارات الجنوب الوطنية، الممتثلة في تحقيق الاستقلال والخروج من عباءة الوحدة، وتبعاتها.
ومن يدري، ربما خروجنا من الوحدة سيكون باتفاق 2019، كما كان دخولنا بتوقيع اتفاقية الوحدة سنة 1989، وأي كانت النتائج فنحن على ثقة من النصر في نهاية المطاف.
فالجنوب اليوم، وبفضل حكمة ودعم أبناء زايد الشرفاء، يختلف عن جنوب الأمس، فقد أخذوا بأيدينا حتى أصبحنا نفاوض ونحن في موقف قوة وأيدينا على الزناد، ولا خوف من عودة الماضي البغيض وهناك دولة اسمها الإمارات.
إلا أن الشعب الجنوبي مخاطب اليوم بفهم واقع المرحلة بناءً على خبراته السابقة مع شعب الشمال وقيادته، وعلينا أن نأخذ حذرنا تحسباً لأي انقلاب محتمل من قبل تجار السياسة الشماليين.
فالشمال هو من بادر بالانقلاب على الجنوب عقب اتفاقية الوحدة، التي استغلها لتصفية قيادات الجنوب المتواجدين في صنعاء آنذاك، قبل انقضاضه على الجنوب ليكمل مخطط الاحتلال في صيف 1994.
وللعلم فإن “فك الارتباط” الذي أعلنه الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض في مايو 94، كان من ضمن بنود اتفاق الوحدة الموقع بين البلدين.
أي أن الجنوب لم ينقلب على أي اتفاق، بل هو المنقلب عليه بمخالفة ما تم التوافق عليه مع حكام صنعاء في حينه.
نقطة أخرى تذكرنا بتاريخ الشماليين ونقضهم للعهود، وهو ما تم الاتفاق عليه في الرياض عام 2011، بين طرفي الصراع الشماليين ، ولم يلتزم أي منهما ببنود المبادرة الخليجية، حيث انقلب حزب الإصلاح على المؤتمر وبدأ بتصفية وإقصاء كوادره، ليرد المؤتمر بالتحالف مع الحوثيين وتسليمهم صنعاء في زمن قياسي، وتمكينهم من كل المخزون العسكري المكدس منذ عسرات السنين، ليستخدموه في إرهابهم ضد جيران اليمن، في الجنوب والمملكة.
إضافة إلى كل ذلك، فإن تنظيم الإخوان المسلمين، وعلى لسان بعض قياداته قد تعهد سلفاً بإفشال الاتفاق، وهذه نقطة حساسة وتهديد مهم يجب أن يؤخذ في الحسبان.
فقد يستغل حزب الإصلاح أي ثغرات محتملة لما تم التوقيع عليه، بهدف تنفيذ مشاريعهم التدميرية لصالح أعداء الجنوب وأعداء المملكة.
ولذا فإن التخاطب يجب أن يبقى بين القيادة الجنوبية، والإخوة في المملكة العربية السعودية باعتبارهم رعاة الاتفاق، والمسؤولون عن اجبار الجميع على عدم مخالفة نصوصه.
ونحن على ثقة كاملة في عدالة رعاة الاتفاق، ولولا رعايتهم الكريمة، لما بادر الجنوب إلى القبول باتفاق آخر مع الشمال، خاصة وأن تاريخ البلدين مثقل بالخيانات والانقلاب على التفاهمات، وتعي قيادة المملكة والعرب جميعاً من هو الطرف المبادر دائماً لنقض العهود، ومن هو الجار الوفي الذي لم ولا يغدر بإخوانه.