جهاد الحجري يكتب:

راية الجنوبيين رمز تضحياتهم وخاسرٌ كل من يستنقصها

طيلة السنوات الصراع الدامي مع ميليشيات الحوثي، كان العلم الجنوبي يرفرف عالياً خفاقاً في كل الجبهات، ولم نشاهد علم الجمهورية اليمنية في مواجهة الحوثي مطلقاً، لأن المقاتل الجنوبي كان يخوض المعارك بمفرده عندما انكفئ الآخرون، وبخلوا بأرواحهم على أوطانهم المزعومة.
وعندما اجتاحت ميليشيات الحوثي وعفاش أرض الجنوب في ربيع 2015، توحد الجنوبيون للدفاع عن عاصمتهم وأرضهم تحت رايتهم التي ينتمون إليها، فيما كان علم اليمن يرفرف هناك في صفوف الغزاة والمحتلين.
وبعد أن استطاع رجال المقاومة الجنوبية إزاحة جيوش الظلام، وانحسرت معها موجات الهدم والإرهاب، ظهر لنا أناس آخرون ليسوا من أهل القتال، ويزعمون أنهم من حرروا أرضنا وعرضنا، رغم أنهم ينتمون لأرض الغزاة أنفسهم.
ولم يكتفوا بمزاعهم تلك، بل أرادوا فرض علم وحدتهم على ترابنا، ونسوا أو تناسوا أنها نفس راية الغزاة التي قوتلنا تحتها، فوجب على رجال الجنوب الحد من مهازلهم تلك، ورفع راية الجنوب على كل ترابه.
ولم يكتف الجنوبي بتحرير أرضه وحسب، بل توجه محرراً ومدافعاً عن الجوار تحت رايته هو، لإيمانه المطلق بأن علاقته بها علاقة أزلية، فهو منها وهي منه، وسطر برفقتها أروع الانتصارات والملاحم البطولية.
ولولا ذلك الجنوبي ورايته الشامخة، لكانت راية إيران مرفوعة إلى جانب العلم اليمني في كل أنحاء شبه الجزيرة العربية، وما كان ليحول دون ذلك أحد، لولا الجنوب ورجاله.
ومن المجحف أن يتعرض علم الجنوب لأي استنقاص من أي جانب كان، فهو لنا راية نرتفع بارتفاعها وننخفض ونضمحل إذا ما تعرضت لسوء.
وما حدث على مبنى المطار في عدن، جريمة واساءة بحق كل جنوبي حر، أبي يرفض باب اليمن ووصايته.
ويكفينا ما أعقب ذلك من شماتة الإخوان ودعاة الاحتلال وبعض مرتزقة الجنوب، فقد كانت كافية لكشف ما يضمروه للجنوب من حقد دفين، ليس له مبرر إلا أن الجنوب احتضنهم يوم نبذتهم صنعاء من أرضها.
أما عن عودتهم إلى عدن بعد كل ما ألحقوه بها من دمار، فقد أصبحت في حكم المستحيل، ولن يرى الأحمر وغيره من الحمير سماء عدن مهما توددوا في سبيل ذلك.
فالتحالف يدرك، ومعه قيادة الانتقالي، أن في ذلك انتقاص كبير لدماء الشهداء التي تسبب بها الجنرال ودعاة الفدرلة، وليس الجنوبي من يتنكر لدماء إخوانه.
وقد اعتدنا على وفاء القيادة مع الشعب كما تعودت القيادة على وفاء الشعب لها، ولا مجال لعودة الوصاية في ظل شعب وقيادة موحدة مؤمنة بحقها في استعادة وطنها ودولتها ولو بعد حين.
فجنوب اليوم ليس كجنوب الأمس، وأعداء الأمس هانوا كثيراً بفعل جرائمهم وخياناتهم، وهم اليوم يتوسلون علناً مقابل أن نقبل بعودة لهم ولو رمزية إلى عدن.
إلا أن احترام التضحيات الجنوبية يحول دون ذلك، ومن أراد غير ذلك فليتفاهم مع أضرحة الشهداء، فهم وحدهم من يتحكمون اليوم بحاضر ومستقبل الجنوب، ولسنا في أعتابهم إلا جنوداً نسمع ونطيع لما يأمرون.