جهاد الحجري يكتب:
ثقافة الفساد والبسط في الجنوب.. كيف أتت؟ ومن زرعها؟
إن هدم ما بناه الآخرون يستغرق أياماً معدودات، لكن إصلاح ما أفسدوه يحتاج إلى سنوات طويلة، وهذا باختصار ما يعاني منه شعب الجنوب اليوم.
فقد تمكنت الرجعية اليمنية من هدم كل ما بناه شعب الجنوب ودولتهم خلال عقود في زمن قياسي، ونجحوا في تعميم ثقافة الفساد والفوضى والنهب حتى في أوساط بعض أبناء الجنوب.
ولكي يتمكن الانتقالي من تصحيح مسار شعب الجنوب نحو التقدم، فإنه مطالب بهدم تركة الفساد التي خلفها نظام المخلوع عفاش، وأصبحت ثقافة لدى الفاسدين عموماً وما أكثرهم في مثل هذه الأيام.
وما ظاهرة النهب والسلب التي تتعرض لها المعالم الأثرية في عدن، ومعها الممتلكات العامة والخاصة، إلا جانباً من تكريس نظام الاحتلال للثقافة المغلوطة في أوساط الشعب.
وليست حجة أن تجد جنوبي يمارس مثل تلك التصرفات الهوجاء، فالكثير منا قد تأثروا بقصد أو بغير قصد بتلك الثقافة التي كُرست ضد شعبنا، وكانت جزءً من حرب نظام عفاش النفسية ضد الجنوبيين.
وليس هيناً هدم أركان تلك الثقافة الرجعية خلال زمن بسيط، فالأمر يحتاج إلى مدة قد تطول عن مدة الاحتلال نفسه.
إضافة إلى ذلك، فإن أركان ذلك النظام الفساد، لا تزال قائمة بيننا حتى اليوم، وتمارس نفس المهمة التخريبية لأغراض سياسية بحتة.
والهدف هو إظهار الجنوبيين ضعفاء وغير قادرين على بناء دولتهم، وهذا ليس صحيحاً بالطبع.
لأن ايكال مهمة إدارة الجنوب للجنوبيين لم تحدث بعد، ولا يزال الوطن شبه محتل، ويمارس الاعداء أنشطتهم الإرهابية بشكل مكثف، وحتى يتمكن الجنوبيين من إدارة وطنهم بما فيه ملفي الأمن والاقتصاد، فإن الانتقالي بريء من كل تهم الفساد الموجهة له.
فمن غير المعقول، بل ومن الظلم أن تحاسب طرف على أدارته دون أن تمكن له كامل الصلاحية التي حظي بها أطراف أخرى قبله، والجنوبيون اليوم لم يتسلموا قط أيٍ من إمكانيات بلادهم التي جيرها عفاش وإخوانه اللصوص لصالحهم طيلة زمن الاحتلال.
ولكنه استطاع وإلى حد كبير، أن يعيد بناء الوعي الجنوبي، ويرفع من شأن قضيتهم على الصعيد الدولي، وهذه خطوة أساسية في الطريق الصحيح نحو استعادة الدولة الجنوبية بكامل ترابها.
وعلى أنصار تحرير الجنوب أن يصمدوا في سبيل تحقيق ذلك، فالمجد ليس تمراً كما يقال، والاستقلال يحتاج إلى نضال وصبر قد يستمر لعقود مقبلة، وعلينا أن نستعد لما هو أعظم من الأحداث، مالم فإن الاحتلال باق.
ولا خيار أمام شعبنا في تحقيق ذلك، وتكلفة الهزيمة أكبر بكثير من تكلفة الاستسلام للاحتلال بشقيه الاخواني والعفاشي.