جهاد الحجري يكتب لـ(اليوم الثامن):
دماء الشهيد منير اليافعي “أبو اليمامة” تحاصر قتلته
سيظل الأول من أغسطس يوماً أسوداً، ليس في تاريخ الجنوبيين فحسب، بل في تاريخ كل عشاق الحرية والكرامة في عموم بقاع المعمورة.
ففي ذلك اليوم، اجتمعت قوى الشر قاطبة لتطيح بالعاصمة عدن، وظنت أنها لن تنجح في فعل ذلك إلا عقب تصفية واحد من خيرة رموز الجنوب، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، العميد منير اليافعي (أبو اليمامة).
كان المخطط إحداث سلسلة من أعمال العنف والفوضى في العاصمة عدن، يتم من خلالها انقلاباً مسلحاً لإخراج المجلس الانتقالي الجنوبي من المعادلة السياسية، واستفراد أعداء الوطن بحكمه ونهب ثرواته دون حسيب أو رقيب.
إلا أن خبر استشهاد أبو اليمامة صاحبه مفعول آخر، ورغبة جبارة في الصمود والانتقام، وكان لذلك الفضل في تحطيم المؤامرة الأولى في ذلك الشهر، ليتم بعدها تطبيق الخطة “ب” وهي الاجتياح العسكري الواسع في أواخر أغسطس، وقد فشلت مرة أخرى بفعل الصمود الجنوبي وتدخل القوات الإمارتية الشقيقة.
وتبقى ملابسات الأول من أغسطس 2019، شاهداً على قبح المنظمات الإرهابية بشقيها الحوثي والإخواني، وكيف أن الأخير هو من يسوس اللعبة في تلك الجغرافيا التي تُسمى “يمن”.
فقد ظهر الحوثي في ذلك اليوم ليتبنى هجوماً لا يفقه في تفاصيله أي شيء، ولم يستطع إعلامه حتى نُطق اسم الشهيد والمناطق الجنوبية، ما يؤكد حداثة عهده بتلك المعلومات التي سمِع عنها لأول مرة في ذلك اليوم فقط.
وحتى الآن، لا يزال الحوثيون يجهلون طبيعة الدور الذي لعبه أبو اليمامة في صناعة عملية التحرير الجنوبية ضدهم وحليفهم، عفاش أثناء احتلالهم الثاني لعدن.
ولأن العاشق الكذاب يفرح بالتهمة، فقد هلل الحوثيون طرباً لتبني عملية أكبر من حجمهم بكثير، وليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل إلا قراءة ما يملى عليهم من بيانات رنانة كتبها غيرهم، تماماً كما يحدث في العمليات الإرهابية التي يتبنونها ضد المملكة العربية السعودية، ويُخرجها وينفذها آخرون.
أمّا الإخوان، وهم الموجّه الحقيقي لما يسمى بحكومة الشرعية، فقد استغلوا وجودها في عدن لتمرير مشاريعهم التدميرية ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وأعدوا العدة لذلك اليوم الأسود منذ زمن بعيد.
فكان عليهم، بالتعاون مع خونة الجنوب التخطيط والتنفيذ للجريمة، وإحداث سلسلة من التفجيرات الإرهابية في محيط العاصمة، وكان الهدف الانقلاب العسكري بالتعاون مع الجماعات الإرهابية المزروعة في عدن، والانقضاض على كل مواقع المقاومة الجنوبية في آن واحد.
إلا أن المخطط انكسر ولم ينجح منه إلى جريمتين فقط، وهما استهداف معسكر الجلاء وتفجير شرطة الشيخ عثمان، وراح فهما المئات من الشهداء والجرحى وعلى رأسهم البطل الشهيد أبو اليمامة.
وحالت تلك الدماء الطاهرة في تحقّق الانقلاب الأول في عدن، وتحرك الجميع قيادة وجماهيراً لإفشال المشروع الإخواني الخبيث، وإخراج أدواته في حكومة الشرعية المزعومة من العاصمة.
وعندما أدرك حزب الإصلاح أن الجنوبيين قد دحضوا مكيدته الأولى، لجأً يائساً إلى الثانية واستدعى كل الجحافل الإخوانية من مارب وبقية الشمال لكسر شوكة الجنوب الأبية، إلا أن فشلهم تكرر مرة أخرى وتحطمت المؤامرة على صخرة الصمود الجنوبية الأبية.
وجراء الهزيمتين، لجأ العدو الإخواني صاغراً إلى القبول بالحل السياسي والدخول مرغماً في اتفاق ثنائي مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وكان ذلك انتصاراً آخر للشعب الجنوبي وقيادته.
ومع تكرار الهزائم على الصعيدين السياسي والعسكري، يسعى تنظيم الإخوان وميليشياته إلى النيل من خصومه الجنوبيين عبر انقلابات صامتة ضد “اتفاق الرياض” والتصعيد الخفي عبر أدواته الإرهابية في عدن، لتشويه سمعة الانتقالي والتحالف، وإرهاب المدنيين من أجل الخروج بانتصار افتراضي يمحي عار هزائمهم.
إلاً أن على قياداتهم أن تتذكر جيداً أن الفشل سيظل يلاحقهم مهما تكالبوا على الشعب الجنوبي الصامد، فقد اعتاد رجاله على التنكيل بالغزاة والمستعمرين منذ الأزل.
وكما انتصرت دماء أبو اليمامة من الإخوان، وأخرجتهم صاغرين من عدن، فإن لهيبها لا يزال يغلي وسيطيح بأي مؤامرات أخرى مهما كان حجمها وتمويلها.