جهاد الحجري يكتب لـ(اليوم الثامن):

لا تستغربوا موقف الإخوان من مقتل القائد الإيراني سليماني

يقال بأن المواقف الصعبة تكشف الصديق من العدو، وهذا ما حصل بالضبط في حادثة مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني، فقد كشف الأمر أن حلفاء إيران في العالم العربي ليسوا بالقلّة، خاصة تنظيم الإخوان وحلفاء قطر وتركيا بشكل عام.
ورغم أن حقيقة الإخوان باتت مكشوفة للجميع، إلا أن الكثير من العرب يجهلون بعد كنه ذلك التنظيم، ويظنونه عربياً وإسلامياً بامتياز، لكنّ الحقيقة خلاف ذلك كلياً.
ففي الحالة اليمنية على سبيل المثال، تمتلك إيران لونين من الحلفاء هم الإخوان والحوثيين، وكلاهما يتحركان لخدمة المصالح الإيرانية بشكل أو بآخر، إلا أن الفارق هو أن الحوثي ذراع إيرانية في العلن، ويرفع كل ما ترفعه من شعارات، بينما يتخفى الإخوان تحت غطاءات مختلفة لإكمال ما يعجز عنه الحوثيون.
ولنا في النموذج الجنوبي خير مثال، فقد استطاعت المقاومة الجنوبية بدعم من التحالف العربي أن تردع ميليشيات الحوثي وعفاش، وأن تجبرهم على الانسحاب مهزومين من الأراضي الجنوبية، يجرون وراءهم أذيال الخيبة والفشل.
ليبدأ بعدها مسلسل الاغتيالات والتصفيات في كل مدن الجنوب بما فيها العاصمة عدن، على يد عناصر الإخوان المسلمين، والهدف هو إجبار المواطن الجنوبي المغلوب على أمره على الترحم على أيام الاحتلال، وأن يرفع مكرهاً شعارات الرجعية البائدة.
وتكرر ذلك النموذج حتى في مناطق الشمال نفسها، وأولها تعز، فقد تحولت المدينة بكل شوارعها إلى ساحة إعدام كبيرة، تمارس فيها عناصر الإخوان أبشع أنواع الجرائم والتعذيب بحق الأهالي حتى قال قائلهم قصيدته المشهورة “سلام الله على عفاش”.
وهذا ما يريدونه بالضبط من شعب الجنوب، أن يظل خانعاً للاحتلال بكل أشكاله، مالم فإن الإرهاب المباشر وغير المباشر في انتظاره ليلاً ونهاراً.
وبعيداً عن نموذج الجنوب والشمال، ففي مصر، التي قضت عاماً كاملاً تحت وطأة حكم الإخوان، مثالاً آخر.
فقد كان الرئيس الإخواني محمد مرسي أول زعيم مصري يزور طهران، ويبارك لها هيمنتها على الكثير من دول العالم العربي، وكادت القاهرة أن تكون عاصمة أخرى جديدة بيد الإخوان لولا تدخّل الاشقاء في دول مجلس الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقد حالت جهودهما لكبح المشاريع الفتنوية في مصر ومن ثمّ في كثير من الدول العربية.
وبحسب الكاتب ثروة الخرباوي، العضو السابق في إخوان مصر، فإن ثورة الخميني في إيران ليست إلا امتداداً لفكر حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، ولذلك اعتمدت نفس مصطلحات الإخوان وهيكلها التنظيمي، الذي يفرض وجود مرشد أعلى في رأس هرم السلطة، وهو ما يُعرف أيضاً بنظام “ولاية الفقيه”.
فإيران إخوانية منذ زمن، والإخوان كذلك إيرانيون، وقد تغلغل فكرهم إلى دول أخرى مثل تركيا، التي تسعى لمشروع إعادة الخلافة العثمانية عبر تبني فكر حسن البنا.
إضافة إلى كل ما سبق، فقد أكدّ الكثير من الأكاديميين العرب، أن ملازم الحوثي التي تُدرس في مدارس الشمال حالياً، ليست إلا أفكار مقتبسة من كتاب “في ظلال القرآن” للمفكر الإخوان سيّد قطب، وكلها تتمحور حول إحياء نظام ولاية الفقيه الذي يناهض المشاريع المدنية الحديثة في الحكم.
ولذلك لا ينبغي أن نستغرب مطلقاً من تضامن الإخوان اليوم مع إيران عقب مقتل سليماني، فهم وجهان لعملة واحدة، ويتشاركون نفس العقائد ويعادون خصوم بعضهم البعض.