جهاد الحجري يكتب:
أبعاد وخطورة مسرحية "سليماني" على الجنوب والمنطقة
تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة خطيرة قد تنتهي بتغيير خارطتها السياسية، على يد أمريكا وإيران، وحلفائهما، وعلينا النظر إلى ما بين سطور الوقائع الحالية حتى نعرف المستقبل المخطط له عبرها.
فعملية اغتيال قاسم سليماني لم تكن إلا مسرحية مشتركة بين واشنطن وطهران وأنقرة، والجميع اليوم يعملون على تقسيم الجزيرة العربية وفق ما تقتضيه مصلحة كل طرف.
وحتى يتسنى لهم تمرير المشروع، كان لابد من حدث ضخم، لكي يفصل التاريخ بين مرحلتين زمنيتين، ستكون الثانية هي الأشد الوطأة على كل العرب في الشرق الأوسط، وأهمها الخليج والجنوب العربيين، أما الشمال فهو فارسي عبر التاريخ، وسيظل تحت هيمنة الحوثي كما كان مخطط له منذ زمن طويل.
ويلعب الإعلام دوراً حساساً للمرحلة الخطيرة القادمة، ولذلك تعكف الجزيرة وكل الإعلام الإخواني على الترويج لمستجدات حاسمة تعقب مسرحية مقتل سليماني، وكل ذلك من أجل تهيئة العالم العربي للقبول بمخطط تقسيم الكعكة القادم، بين محاور الشر الثلاثة، والجميع يترقب تجلي مرحلة قاتمة وسوداوية، إن انتصرت اجنداتهم.
وباختصار أمريكا وإيران وتركيا تخطط مجتمعة، وإعلام قطر والإخوان يهيئ شعوب المنطقة لاستقبال ما يضمرونه من نوايا عدائية.
ما هو مصير الجنوب في كل ذلك؟
أدركت إيران في عام 2015 فشل مخططها لاحتلال الجنوب، وأيقنت ترابه ورجاله يختلفون كثيراً عن نظرائهم في الجارة الشمالية، لتتقدم تركيا بمخططاتها الاستعمارية بغية السيطرة على أرضه وثرواته.
وقد ظهرت بوادر الاحتلال التركي من قبل مسرحية سلماني بزمن طويل، عندما كشرت الشرعية الإخوانية عن أنيابها وانطلقت لقمع الشعب الجنوبي ورفض كل مساع الاشقاء في التحالف للتهدئة والسلام.
فاتفاقية الرياض التي وقعت عليها الشرعية بقيت حبراً على ورق، في رسالة إخوانية صلبة مفادها " لا شرعية بدون الإخوان".
وعقب إفشالها للاتفاق، توجه الإخوان إلى قمع أهالي شبوة، وإعادة مسلسل الفوضى الأمنية إلى عدن ولحج وأبين، وكل ذلك من أجل تكميم الانتقالي، ومنعه من التحرك لاستعادة الجنوب، ومع كل تصريح لقيادته نتفاجأ بعملية أمنية أو اغتيال لإبقائه خارج المعادلة.
وفي حال نجح الإخوان في تحييد الممثل الشرعي لشعب الجنوب، عبر إرهاب قواعده الشعبية، فإن القادم بلا شك هو تسليم البلاد لصالح سلطنة أردوغان الإخوانية.
وقد بدأت طلائع الأتراك في الوفود إلى أرض الجنوب، والبداية من المهرة، حيث أدخل وزير داخلية الشرعية عدداً من ضباط الاستخبارات التركية عبر منفذ شحن، وسط تعتيم إعلامي كبير، ولا شك فإن ما خفي كان أعظم.
وتتستر أنقرة في تدخلها في الجنوب بذريعة حماية الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وتحت ذلك الغطاء تمرر كل مؤامراتها ضد الجنوب والتحالف العربي.
وعلينا ألا نغفل مدى حقد الأتراك على العرب، وقد بانت حقائقهم جلية في سوريا، حيث تدخلوا هناك لدعم الجماعات الإرهابية، قبل أن يتدخلوا عسكرياً بحجة القضاء على الإرهاب الذي سبق ودعموه هم هناك.
ولا يُستبعد أن يكون مخططهم في الجنوب العربي مماثلاً لسوريا، فمبدئياً يتعللون بحماية الشرعية لتبرير استهدافهم للتحالف، وسيعقب تلك الخطوة انتشار واسع للجماعات الإرهابية، وهو ما يجري التجهيز له في الوقت الراهن، لتعلن تركيا بعدها عن إرسال قوات عسكرية، كما يحدث اليوم في ليبيا.
ولن يقتصر الأمر على الجنوب، بل سيتعداه إلى أشقائه في المنطقة، حيث ستتخذ تركيا أراض الجنوب لاستهداف الاشقاء في الخليج، وهو مشروع سبق وأن تكرر في التاريخ القريب عبر الاتحاد السوفياتي سابقاً.
وباختصار هناك تاريخ جديد للمنطقة يتم التحضير له اليوم، يبدأ بمسرحية سليماني وينتهي بالقضاء على العرب، وبأدوات تزعم أنها عربية، مثل قطر وتنظيم الإخوان وغيرهم من الفرقاء الإرهابيين.