أنور التميمي يكتب لـ(اليوم الثامن):

من صحفي حضرمي إلى اللواء فرج البحسني

هي بدعة لم تخطر على بال ممتهني السياسة والإدارة والإعلام قبل أن تأتي بها ، ونسأل الله أن لا يتوارثها اللاحقون .

بدعة أربكت فهمنا للعلاقة بين الإعلام والسياسة والإدارة ، فكانت لحظة إفاقة على حال واقعنا المرير في حضرموت الذي لا طعم له ولا رائحة ولا لون .
أفقنا على انكشاف للمشهد الرسمي الحضرمي ينذر باستعداد تام مع سبق الإصرار والترصّد لتسليم الجمل بما حمل ....

سيّدي المحافظ !

لست معنيّا هنا بالحديث عن الصحفي الضيف ، ولست بصدد تقييم مكانته وتأثيره على الرأي العام من عدمه . ولكنني معنيٌّ بمحاولة فهم دوافعك سيّدي المحافظ للإقدام على مثل هكذا خطوة !

لست معنيّا هنا بتتبّع خط التماهي بين الصحفي المٌحتفى به ودوائرورموز التأثير في( شرعية عبدربّه والعيسي وجلال وناصر ) لأنها واضحة للعيان ولا تحتاج لجهد لفهمها . ولكنني معنيٌّ بقرع جرس الإنذار للتنبّه لمافيا النفط التي كادت أن تطبق على مفاصل صنع القرار في المحافظة .

ويبدو إن الزيارة هي بمثابة إعلان من طرف الشرعيّة بإتمام المهمة بنجاح .

سيّدي المحافظ !

من حقّي المهني أن أفكّر بصوت مسموع ، ومن واجبك أن تصغي إلي !
قلت لنفسي وأنا أرى مراسم استقبال رسمية لصحفي على غير المعتاد :
أ لهذا الحد يُحتفى بالصحفيين في حضرموت ؟

رأيت مقامكم الكريم وبصحبتكم الوكيل الأول ورمز الهبة الشعبية ، رأيت أركان المنطقة العسكرية ، رأيت كل حضرموت الرسمية بقضّها وقضيضها !!
اجهدت ذاكرتي للبحث عن موقف شبيه في التاريخ الحضرمي فلم أجد ، واصلت البحث في أسفار التاريخ القديم والحديث عربيا وعالميا للعثور على موقف ( إحتفائي ) مشابه فلم أجد ما يشبه هذه البدعة !

فمالذي دفعكم إلى ذلك سيّدي ؟

سألت نفسي هذا السؤال وحاولت الإجابة وقلت لعلّها الرغبة في إظهار انجازات حضرموت ، أو لعلّها خطّة محكمة لكف أذى الإعلام المضاد واسكاته .

ولكن كانت تقفز إلى ذهني بديهيات وتمنعني من الركون إلى الفرضيتين السابقتين :
البديهيات تقول إن تسليط الأضواء على المنجزات والتصدّي للإشاعات وإسكات الأصوات المغرضة ، لا تكون بمثل هكذا بدعة ، فكان بالإمكان الترتيب لزيارة لمندوبي عدد من الوكالات والصحف العالمية ( وليكن الصحفي المحتفى به بينهم ) .. وهذه مسألة ليست صعبة وبإمكاننا أن نعينك على ذلك دون أن نظهر في الصورة ، وسبق وأن زارت المحافظة شخصيات إعلامية عالمية وكتبت بإنصاف عن مشاهداتها في المحافظة ، وكتبوا في وكالات عالمية وفنّدوا فرية السجون السريّة في ساحل حضرموت ، وكانت لكتاباتهم الأثر الحاسم في إبعاد الشبهات عن الأجهزة الأمنية في ساحل حضرموت .

للتذكير سيدي المحافظ كنت رائعا في تعاملك معهم لأنك لم تخرج عن المألوف ولم تبتدع حينها نظريّة ( الصحفي محافظ / والمحافظ صحفي ) كنت حينها محافظا وقائدا عسكريا ، كان للزيارات أثر بالغ وحققت المرجو منها .
الزيارات حققت المرجو منها لأنك لم تتنازل عن مقتضيات المنصب والمكانة لم ترافق الإعلاميين بنفسك ، اكتفيت بمندوب من قبلك لمرافقتهم ، أصدرت توجيهاتك للدوائر والمؤسسات لتسهيل مهمة الوفد الإعلامي وتقديم الدعم اللازم له ، ثم استقبلتهم في مكتبك وشرحت لهم الحالة في حضرموت ، سمعوا منك واستمعت اليهم .

سيّدي المحافظ !  هناك إرث بروتوكولي في السياسة والإدارة والإعلام ولا مجال للبدع والتجريب !

وخير الكلام ما قلّ ودل .

الصحفي / أنور التميمي