جهاد الحجري يكتب:

كفى عبثاً بدماء الجنوبيين على أرض الشمال

غزيرة هي الدماء الجنوبية التي تسفك دفاعاً عن أرض الجنوب، ولا ضير في ذلك ولا ملامة على من يدافع عن شرفه وعرضه، ولكن سفك نقطة واحدة من تلك الدماء الجنوبية على أرض الشمال خسارة كبرى وفادحة لنا جميعاً.

فالقوى السياسة هناك تراهن على دماء الجنوبيين في مغامراتها السياسية، لأنها تدرك أن المعارك التي تخوضها غير جدية، ولذلك تُفضل أن تخضوها بدماء غيرها، خاصة من الشباب الجنوبي اليافع والمغرر به.

وما حدث في مارب ليس إلا غيض من فيض الجرائم المروعة التي تُمارس بحق شباب الجنوب، فقد تكرر مثلها الكثير، وفي معارك لا تخدم القضية الجنوبية ولا تعنيها.

وكان الأولى أن تقف تلك الدماء الشابة في وجه المحتل لا في صفه، وأن تكون أول المدافعين عن المحافظات الجنوبية، مثل شبوة وأبين ووادي حضرموت، والتي يئن أبناؤها اليوم تحت وطأة الاحتلال، فيما حراس الجنوب يدفعون حياتهم ثمناً لغياب الوعي في جبهات أخرى معادية.

ولا نستبعد أن يكون استدراج الجنوبيين إلى كمائن الموت في الشمال، ليس إلا ضمن مخططات يشرف عليها أعداء الجنوب، بهدف استنزاف مخزونه الشبابي، وخوفاً من صحوة جنوبية تعصف بالمحتل وتطرده من كل شبر في أرض الجنوب.

كما أن إقحام الجنوبيين في جبهات الشمال ضد الحوثي هو مبرر لإقحام الحوثي في جبهات الجنوب، وقد تكون تلك المجاميع معدّة لاستهداف الجنوب نفسه.

وهذا يؤكد أن معركة اليوم ليست بالسلاح فقط، بل بالوعي والبصيرة أيضاً، فالجنوبي يجب أن يبقى جنوبياً شامخاً داخل أرضه كالأسد في عرينه، وألا يتجه للقتال حيث يُقتل، فالأرض دائماً تقاتل مع أهلها، ولا غرابة أن نشهد مذابح كبرى لإخواننا هناك.

ولو أنّ شباب الجنوب المرابطون في الشمال كانوا على أبواب شبوة يوم تقدمت جحافل الإخوان، لما رأينا ما رأينا من هيمنة وجرائم يومية تُرتكب بحق أهلنا في محافظة شبوة، ولما تجرأت قدم أجنبية على أن تدوس بسلاحها أرض الجنوب الحرة.

وعلينا أيضاً أن ندرك البعد الاقتصادي للمعضلة، فمعظم من سقطوا بالأمس في مارب هم من الغيورين على وحدة واستقلال الجنوب، لكن الظروف المعيشية الصعبة دفعتهم للانخراط في ميليشيات الإخوان، بعد أن لعبت جمعياتهم الخيرية المزعومة دوراً في المتاجرة بمعاناتهم.

ولانهاء المعضلة لا بد من توحيد الجهود والعمل على كل المستويات الاقتصادية والتثقيفية، ومنع أعداء الجنوب ولو بالقوة من الإتجار بدماء الجنوبيين، واستقطابهم لمعارك خارج حدود الدولة التاريخية لشعب الجنوب.