خالد سلمان يكتب:

لهذا نحن نُهزم: جيش الإصلاح.. جيش الرب.. لا جيش الوطن

نحن نستحضر الآن الهزيمة، نلطم عليها، ونندب حظ الجنود الذين وقعوا في شراكها، نلعن صناعها، ونرفع سقف التمنيات بجولة نصر قادمة. 

نحن لا نبحث عن جذور الهزيمة، عن أسبابها، عن تركيبة الجيش والقوى المهيمنة. 

نحن لا نذهب بعيداً في سبر أغوار الحقيقة، ووضع يدنا، على عوامل الانكسارات المتتالية، نحن لا نجرؤ على مكاشفة الذات قبل مكاشفة الشعب، بأن ليس لدينا جيش وليست لدينا قيادة وليست لدينا عقيدة قتالية، وإعداد وتدريب حديثان، يتسقان وضرورات ضمان تحقيق النصر. 

نحن لدينا جيش تم اختطافه، لصالح حزب، تم تغيير مسمياته، القائد أميراً للجماعة، والتسلسل القيادي يأخذ ذات صفات التسلسل التنظيمي في هيكل الإصلاح. 

نحن لدينا ثقافة القدرية، وتسييد الاتكالية، والاعتماد الكلي على خوارق السماء، ودور الرب في تحقيق الانتصار. 

نحن لدينا جيش يجرى شحنه بالغيبيات، بتعطيل فكره، قدرته على النقاش وإعمال العقل، وتسليم حياته، بلا تردد للأمير الناطق باسم الله والحزب، الممسك بيديه مفاتيح الجنة والنار. 

نحن لدينا جيش مختطف من جماعة دينية، لدينا جماعات جهادية تكفيرية، تزرع قيمها بين الأفراد، تحت عناوين التربية الفكرية، غير معنية بأسباب وشروط وعوامل الانتصار، وفق معايير العلم العسكري، وتجارب المعارك الحديثة. 

نحن لدينا أمراء الجماعات يستدلون بشروط النصر ليس باستحضار دروس وتجارب، الحربين العالميتين، أو بتقنيات العلم الحديث، بل باستحضار غزوات الصحابة والخلفاء ودروس الجهاد في البوسنة والهرسك وأفغانستان، ودور العامل الغيبي في تحقيق النصر، ما يدفع بين الجنود إلى حالة من الاسترخاء، واليقين بأن إتقان استخدام السلاح، مجرد سبب وليس أداة مهمة للنصر، طالما أن النصر سيأتي لمجرد طلبه من السماء. 

نحن ليس لدينا جيش، نحن لدينا تجمعات مسيطر عليها، من قبل كل مسميات التيارات الدينية، وجميعهم يخضعون لإمرة الامير الإصلاحي، المسلح بإصدارات قطب، وليس بكراسات وآخر مخرجات العلم الحديث. 

لذا نحن نهزم وحين نُهزم لا نبحث عن أسباب الهزيمة، بل نكتفي بتسميتها امتحان الله، ونفتش بدلاً عن الخرائط وتقصير القيادات، نفتش في الضمائر عن الذنوب والمفاسد الأخلاقية التي قادت إلى الهزيمة. 

مرة أخرى نحن نُهزم لأن لدينا جيشاً للإصلاح، وليس جيشاً للوطن. 

* * *

ما الفرق بين جيش يقوم على المذهب وينتصر، وجيش يقوم على مذهب آخر ويُهزم؟ 

الفرق ليس باستحضار الله، الله (سبحانه) ليس مع الطرفين، الله ليس مع سفك دم الفقراء، الله ليس مع لصوص الأرواح، الفرق، بين قتلة المذهبين، أن الحوثي يمتلك شظف عيش وإرادة قتال، وأن الآخر يمتلك ثروات وعيشا فخيما ورغد حياة، لا يمتلك إرادة التحرير، لا يمتلك جيشاً، بل يمتلك للخصوم السياسيين، عصابات خطف وفرق اغتيال.

* * *

هجوم استراتيجي صوب خبزنا ودمنا، انسحاب تكتيكي من ساحات مواجهة العداء، يدهم بيد الحوثي بندقية تأتلف مع بندقية، جميعهم يذبحنا، من وريد الحلم إلى وريد الوطن. 

ألا لعنة الشهداء الجياع عليكم، أيها اللصوص القتلة السفلة. 

* * *

(القيادي الحوثي) محمد البخيتي أشار إلى هدنة غير معلنة مع الإصلاح في نهم، الهدنة تأتي من موقع القوي المقتدر، الممسك بناصية الفعل والمبادرة والمبادأة، واكتساح التخوم والمدن، في حال كسر الطرف الآخر الهدنة. 

الهدنة من موقع المنتصر، هي انتصار مضاف، والهدنة من موقع المهزوم، هي خسارة مركبة. 

وذلك هو الفرق بين قاتل وقاتل، قاتل حوثي يجتاح ويؤسس لسلطة أمر واقع، تتخطى مربع صنعاء تتوغل صوب الجوار، وقاتل آخر يرى في الهدنة طوق نجاة، وحفاظا على ما تبقى من ماء وجه وكرامة. 

* * * 

“نحن لم نخرج من بيوتنا للدفاع عن مأرب، وعن شوارع صنعاء، وإن احتل الحوثي كل المدن فلن يثنينا عن مكافحة فكره الضال والدفاع عن عرض النبي محمد”..

هذا مضمون الثقافة التبريرية، التي تم تعميمها بين أوساط إخوان اليمن، للتصدي لكل من يطالبهم بكشف حساب، حول أسباب الهزيمة، ومحاكمة نهج الإخوان، الذي يصنع الهزائم ولا يقود إلى انتصار، إلا على الشعب وقوته وعقول أطفاله. 

إذا كان الإخوان يدافعون عن الهزيمة بمثل هكذا سفسطة، فلماذا يهيمنون على مؤسسة الجيش والأمن؟ إن لم يكن هؤلاء القادة المتحزبون، أهل حرب ودفاع عن الأرض، فليتركوا ذوي الكفاءة في صدارة المفارز، وليعودوا لحلقات مدارسهم وجُزُر أفكارهم المعزولة المغلقة. 

هؤلاء قادة حقيقيون، ليس في اجتراح النصر، بل خطباء عباقرة في فلسفة تبرير الهزيمة. 

اعزلوا الإخوان، كفى استغباء العقول وأعيدوا بناء المؤسسة.