بشرى المقطري تكتب:
اليمن.. واقتصاد الحرب المتنامي
في اليمن نعيش أوضاغاً غير طبيعية، لا إنسانية، لا تليق حتى بالحيوانات مع احترامي وحبي للحيوانات.
ليست فقط الحرب التي حصدت وما زالت تحصد أرواح اليمنيين، ليس فقط الفقر والذل والجوع وانعدام أبسط الشروط الإنسانية.. إنما هي اللاحياة بكل تجلياتها وقسوتها وعنفها ولا معقوليتها وإجرامها.
معنى أن لا تجد أي مظاهر من مظاهر الحضارة:
أن تعود بالزمن إلى الوراء زاحفاً على رأسك، أن تفقد حقك في المواطنة ويفرض عليك واقع قهري فقط لكونك يمنياً، منعدم الحيلة.
كيف يعيش اليمنيون بعد ما يقارب سنوات من الحرب؟
الحلقة تضيق اﻵن أكثر على اليمنيين، ﻷن سلطات الحرب تتنافس كيف تقضي على ما تبقى من اليمنيين؟ كيف تخترع آليات جديدة للقهر والإذلال والتجويع في مقابل تنمية اقتصاد الحرب المتنامي!!
اليوم لا يجد معظم اليمنيين، مستشفيات لائقة للعلاج، هرب اﻷطباء المحترمون، وبقى السماسرة.. اختفت العلاجات من السوق، وإذا كنت مريضاً بأمراض مزمنة فعليك تجريب حظك في السوق السوداء..
لا كهرباء أيضا ولا ماء.
كيف يتدبر اليمنيون أمرهم؟ إنها دورة لا متناهية من الديون ودعم الأقارب.
لكن حتى هذا..
تدخلت سلطات الحرب ومافياتها للتضييق على اليمنيين..
الكريمي، ومن على شاكلته يفرض اليوم رسوما مضاعفة على التحويلات المالية من مناطق الشرعية إلى مناطق المليشيات ما يقارب 300%.
ودفع نسبة من هذه الأموال التي يسرقها من اليمنيين لسلطات الحرب ومافياتهم.
كيف يعيش اليمنيين؟
من هو موظف، فإنه لا يتحصل على ما يسد رمق أبنائه بعد انقطاع الرواتب لأكثر من أربع سنوات، ومن كانوا يحصلون عليه أحيانا، قام رئيس الوزراء (الفبرايري) معين عبدالملك بتقييده، أي على جيوش الجائعين من الموظفين الحكوميين في مناطق المليشيات أن يتجهوا إلى عدن!!!
إنه تكريس لمعاناة جديدة كأن كل ما حدث لليمنيين.. حتى اﻵن لا يكفي بارونات الحرب.
الحوثيون، أيضا لم يكتفوا بنهبهم اليمنيين، وقتلهم، ومصادرة حرياتهم، وها هم اﻵن، ولشهر، يفرضون حصارا على اليمنيين لحجبهم عن العالم.. لا تصدقوا أنه موضوع كيبل بحري، إنه اقتصاد جديد للحرب، يدر على الحوثيين أرباحا بملايين الدولارات..
وأمام جحيم كهذا نعيشه، ما زال بعض الكائنات الرخوية والزاحفة والمتسلقة تتحدث عن الحسم العسكري، أو حالة اللا حرب واللا سلم.
هؤلاء (...) أيضا جزء من مشكلة اليمنيين، إنهم في خارج اليمن ولا يعرفون ماذا فعلت الحرب بنا، لكنهم وبصفاقة غريبة ما زالوا يتحوثون بأسمائنا.
لا خيارات في الفقر كما يقول Sadeq Ghanem ولا خيار في الحرب كما أقول أنا إلا بتعرية سلطاتها وأبواقها.