خالد سلمان يكتب:
الأحزاب الدينية.. جمجمة محشوة بالبارود
ما اجتمع الدين والسياسة، إلا وكان ثالثهما، بحر دم، فجيعة شعب وخراب وطن.
اعطني حزباً دينياً، أعطِك صفيحة جمجمة محشوة بالبارود، حروب مذاهب، فرق اغتيال، خلايا موت، أحزمة ناسفة، وأُعطِك قاتلا.
الخلافات السياسية تُحل بالحوار وجدل الأفكار، الخلافات المذهبية تُناقش بالرصاص وجدل القنابل، لذا ابعدوا الدين عن السياسة، ابعدوا الأحزاب عن المذاهب، إما سياسة وسلطة، وإما دين ومسجد، فلن تكسبوا الدنيا والآخرة معاً.
استمعت لفحيح خطباء الخلافة، أصبت بذعر، فررت منهم لخطباء السلالة، فرأيت ذات الهستيريا والبلاغة المتوحشة، التكفير واستدعاء أزمنة الفتن.
من حينها لم أعد أستمع لأي منهما، ولو من باب الفضول الأبله، يومها أدركت أن الفتنة الكبرى ما زالت تسكنهما، وستظل ولو أضيف لأربعة عشر قرناً مضى، أربعة عشر قرناً قادمة.
سدوا مسامات عقولهم عن الصح، فتحوا أكشاك شراء الوهم المطمِئن الكذوب، ورموا أوراق الرهان في السلة الخاطئة.
عاشت سياسة الدعممة والعقول المفلطحة.
لا للهاشمية السياسية، لا للأحزاب الدينية، لا لله المسيس، لا للسياسة المؤلهة، نعم لوطن الله فيه، ضمير فردي منفصل عن الحزب، وخطاب الحزب منفصل عن السماء.
دعوا الله لمن شاء أن يعبده، ودعوا الوطن للعيش المشترك.
حين يغيب العقل وتدهم الناس المصائب، وتغيب القدرة على تحليل الظواهر والإجابة عن أسئلة الراهن، حينها ترفرف رايات الجهل، تغزو العقول وتنتصر الشعوذة.
ازدهار صناعة التمائم والحروز وفك الأسحار، وأطباء التداوي بالبصاق على الماء، الشيخ جِبْرِيل نموذجاً.
الشيخ أبو جِبْرِيل نكب تعز، علق يافطاته الملونة في وسط شوارعها، معلناً رقيته الشرعية لتعز، الله وحده يعلم بالسرائر، وبماذا كان يتمتم الرجل، وأي شر يضمر للمدينة، ومن ماذا رقاها؟
المؤكد من واقع سجلات الرصاص، والدهم والحروب المتبادلة، من مطلع كأسات الصباح وحتى مخدة نوم المساء، أن الرقية ضد السلم، والحياة الآمنة.
“نحن حزب سياسي من أجل إقامة شرع الله”.
وأنتم خارج السلطة أغرقتمونا بالموتى والمقابر، وانتم داخل الدولة بنصف قدم ونصف تمثيل، وسعتم نطاق الاحتراب من اجل الله، وأعدتم ترسيمنا وتقسيمنا على أساس الكفر والإيمان، مددتم رؤوسكم إلى داخل ضمائرنا، أرسلتم البصاصين والمخبرين، لكشف صحة ايماننا، زكاتها وصلواتنا.
وأنتم تمارسون نشاطكم السياسي، شققتم المجتمع بسكين التكفير إلى نصفين وأكثر، نصف يسير على خُطاكم صوب مرضاة الله، وآخر ادرجتموه في خانة المعصية، ووجوب الخطف والقتل والتصفية.
كل هذا ولَم يخلص لكم الحكم بعد، فماذا أنتم فاعلون بِنَا إن دنت لكم القيادة وامسكتم بمفاصل الحكم ورقاب العباد.
اتركوا بعيداً عنكم شرع الله، أيها الممثلون والناطقون الحصريون باسمه، وأقيموا في داخلكم أولاً وأخيراً شرع الإنسان، حيث لا إكراه في اتباعكم، ولا سطوة لكم لقهرنا، ولا تخويلاً لكم بتوسيع رقعة البطش والمظالم.
أنتم لستم حزب الله، ونحن لسنا حزب الشيطان، فلا تقيموا لقتلنا مهرجان اصطياد الساحرات، النافرات عن سربكم.
كان هتلر يجيد الخطابة، كان مهووساً بالحماسة، يسوط مشاعر وقلوب وأفئدة الملايين بسياط الكلام، فصنع من معول الخطابة عشرات ملايين الأضرحة والمدن المنكسة.
ترى كم هتلر دين لدينا في مساجد البلاد؟ كم حطام وخرائب؟ كم قلوب نازفة؟ وكم مدن منكَّسة؟
* * *
عاد شباب الحجرية للجدية من جديد، بعد أن كدنا نشك أن اللجنة الرئاسية باعت الشباب الوقت، واشترت منهم السكوت.
شباب الحجرية في بيان الأمس، هم في حالة انعقاد، وهم في أعلى درجات اليقظة، لما يحاك لقضية شهيد الغدر والخيانة، شهيد الوطن الحمادي.
أدرك الشباب أن خطراً جدياً، يحاك لوأد وتسويف وتغطية وجوه القتلة، والعبث ببصمات الجريمة، لذا مهلة خمسة ايّام كما حددها الشباب، تكفي لتضع اللجنة الرئاسية أمام المحك، وجهاً لوجه قبالة المسؤولية، إما كشف القتلة المعلومين أو التصعيد السلمي، حتى اسقاط رؤوس الإجرام، وأعلاء ميزان العدل وانتصار الدم على طلقة الخيانة.
شباب الحجرية، نحن معكم خطوة بخطوة، نشد على أياديكم، ونثق أن إماطة اللثام عن وجوه ومخططي الاغتيال قد اقترب، وأننا على موعد، مع لحظة انكشاف الحقيقة.