خالد سلمان يكتب:

وداعاً جيفارا تعز “نجمنا الذي هوى”

تعز تنعش الذاكرة في هذا اليوم الحزين، تشطرني شطرين، بين حزن على جبل يوارى الثرى، وبين ذكرى اقتلاع استبداد نظام. 

اليوم تعز تخرج عن بكرة أبيها، كما فعلت ذات فبراير، تكشط قهراً وتزرع مشتل حلم وأمنيات. 

اليوم تعز تنفض من على كاهلها غبار الترهيب، تزرع الطرقات بسواعد، تنثر بخطواتها الواثقة، تقاوى موسم بذار، وبعده قريباً سيحل فصل القطاف. 

اليوم تعز، ترج كيان الصمت، تخلع عباءة الخوف، وتعلن: نحن هنا، وانا نحن لها، حراكا سلمياً يحمل غيمة فرح وخلاص. 

تعز تنتفض، وتغادر زنزانة الروح، صوب فضاءات باتساع المدى. 

إنها تباشير قادم، يحمل رائحة طين أرض ما بعد السُقيا، وربما يطرح مُزن ثورة.

هناك وسط الهيلمان والصولجان أبهة المال والجاه والسلطة، من يموت بالحياة، وهناك بين الناس وقلوب البسطاء، من يعيش ويحيا حتى بعد الممات.. الحمادي يقيناً أقصد.

أيها الجيفارا التعزي، وأنت بين ضلوعك، تمنح البندقية الدفء، الآن من دونك تتعرى الفوهة من مشروعية الصدق، تكاد أن تسقط البندقية، لا يد تلتقطها، بعدك وكأن المدينة قد أطفأت فوانيسها، تكحلت بالحزن، وتباعدت المسافات بين صارية شراع سفينة، تمخر عباب التيه، وبين شط الأمان ومرافئ الخلاص.

قادة أدغال أفغانستان، فرق اغتيال الأبطال، لا قادة إدارة حروب الكرامة، وإنجاز التحرير وصناعة الانتصار. 

لذا قتلوك ياحيدنا الشامخ، يا شرف البندقية.

لا تسأل حزب الدين: كيف تنام ويدك ملطخة بدم؟

من سرق ثورة يمكنه بدم بارد، أن يغتال رمزاً ويذبح وطنا.

أيها النسر الحمادي، ستقف اليوم بين يدي الله، سيمنحك عدله في السماء، وسينتزع الشعب حقك، من القتلة على الأرض.

نم قريراً جيفارا تعز، لن يمر القتلة، ولو علقوا الرؤوس على أسنة الرماح، الحجرية التي أنجبت قادة ثورات ثلاث لكل اليمن، ستمسح اليوم وجوه شرذمة القتل بالأحذية.

من هو أحقر من قاتلك؟

ذاك الذي يرديك قتيلاً، ويبكيك وأنت مسجى، يذرف دمعاً وقلبه يزغرد فرحاً، وهو يواريك الثرى.

جريمة اغتيال الحمادي، ليست غامضة، هي واضحة حد محاولة إخفاء كل دلالات الوضوح. 

الحمادي اغتاله حزب وقوى وفكر دولي متمرس منظم، الحمادي ذهب ضحية مؤامرة سبقتها هاونات قصف التخوين، وإعداد مسرح الجريمة، والتمويل وتصفية العناصر المخططة، وتقديم كبش محرقة أحد المغفلين، المشبع عقله بالتعبئة. 

الحمادي ليس قتيل شقيقه، بل هو قتيل تنظيم دولي، وتجار دين وحرب وسلاح. 

الحمادي قتيل فكره المؤسسي، تكوينه المسيس، تشكيله الذهني وخبراته كرجل قائد مؤسسة عسكرية ورجل دولة. 

الحمادي قتيل مطبخ عصبوي أمني، متوافق عليه من تعز إلى الرياض، إلى بؤر الإرهاب والدويلة النفطية الممولة. 

من أطلق الرصاص على الحمادي، شقيقه، أم قريبه الآخر القيادي الديني، حيث تجري التأويلات أن الطلقة المميتة جاءت من خلف الرأس. 

أياً يكون، الجلي أن اللجنة الرئاسية ضالعة بالقتل، وان صمت النيابة يضعها في موقع الشريك، وأن على المحامين الموكلين من أبناء الشهيد، بأن يضعوا النقاط على الحروف، من عرقل ويعرقل كشف الخيوط؟ ويموه على بصمات القتلة الحقيقيين؟ ويحمي الجناة ويدمر إثباتات ومسرح الجريمة؟

نحن لا نحتاج فقط معرفة من ضغط على الزناد، نحن نحتاج أيضاً إلى محاكمة وكشف أسماء، من أعطى الضوء الأخضر، نحن نحتاج إلى تسمية المستوى السياسي، ورأس الهرم.

ما دون ذلك تسويف وتمييع وهراء.

وداعاً يا أشجع الناس، قتيل أشنع مخلفات البشر. 

وداعاً حمادي “نجمنا الذي هوى”..