عمر علي البدوي يكتب:

"فوضى خلاقة" على ضفاف الخليج

شكّلت خيمة الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي موئلا وملاذا لمشروع كبير، جاءت التسجيلات المسربة أخيرا لإثباته، ووشم جبين التاريخ بأثره، هندسة إخوانية كاملة لمشروع التخريب في الخليج، وركوب موجة الثورات، واستثمار الفضاء المسموم المسمى بالفوضى الخلاقة.

كان رموز الإخوان المسلمين يبحثون عن الوصفة الأفضل للانقضاض على دول الخليج العربي، والفتّ في عضد تماسكها وسلمها الأهلي، اقترح أحدهم في اجتماعه بأعضاء الجماعة في السودان تشجيع الحزازات والخلافات داخل الأسر الحاكمة، وآخر اقترح إثارة حنق الشعوب ضد أوهام الفساد والاستبداد، وثالث فضل اللعب على الوتر القبلي، وتفخيخ العلاقات الاجتماعية، أو زيادة التحفيز الإعلامي لتهشيم عرى الثقة بين القيادات والمجتمعات.

كثير من الأفكار والرؤى والخطط، التي لو وجدت طريقها إلى التنفيذ، وارتخت لها قبضة السلطات في دول الخليج، لأضحى واقعها اليوم نازفا بالفوضى والخراب وانعدام الاستقرار.

كان القذافي فكرة شاردة، وليس مجرد شخص أو زعيم ناقم، كان بمثابة كنز من الأموال المتيسرة والغطاء السياسي المستباح لشرعنة التحركات المريبة والتشويش على الأهداف غير المعلنة.

على طريقتهم، كان إخوان الخليج يتقاطرون عليه لقدح عدائه، واستثمار غضبه الشخصي ضد دول الخليج وزعمائها، وتوظيف ذلك ضمن مشروعهم الكبير، ولكن فشِل المشروع، فلم يترددوا في الانقلاب عليه، وطعنه من الخلف، وأهالوا تراب النسيان على ما بقي من خططهم الخاسرة، قبل أن تجاهر بها وتفضحها التسريبات الأخيرة.

رغم أن التسجيلات المسربة للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، التي ينشرها المعارض القطري خالد الهيل، لم تأت بغريب بشأن الجهود التخريبية التي كانت تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين ضد الدول الخليجية، لكنها كشفت بالصوت والحجة البالغة، أنها كانت تضمر حقدا أعمى ضد قيادات وشعوب المنطقة، وأبانت نوايا الشر التي كانت جماعة الإخوان تحيكها في الخفاء للإيقاع بدول الخليج في جحيم الفوضى الخلاقة، واستعدادها لذلك عبر ميليشيات التخريب وتأليب القبائل، وإثارة القلاقل، والتحريض ضد الأسر الحاكمة.

لقد رفع الغطاء عن الصندوق الأسود، الذي كانت تحتفظ به الخيمة التي توافد إليها رموز النظام الإخواني، ممن يمالئون الزعيم الليبي، ويستثمرون في رواسب حقده الدفين على الأنظمة الخليجية، ورماد قوميته التي أوقدت الكثير من حطب الاتهامات والهجاء للملكيات العربية، وشحن الشعوب والمجتمعات العربية ضدها.

لقد حمل “إخوان الخليج” على عاتقهم الحلم القديم بإسقاط الدول الخليجية وإغراقها بالفوضى، وقدموا فروض الطاعة والالتزام لمجنديهم من الدول الجارة والضارة، بتبيئة بنود الثورة في التربة الخليجية، وهزّ أركان الاستقرار الأهلي والسلم المجتمعي، وقد قدمت حكومة الدوحة كل الدعم المالي والإعلامي واللوجستي لهذه الجهود، الأمر الذي يثبت تورطها السافر في مخطط الإضرار بجاراتها الخليجية.

مكنت هذه التسريبات المجتمعات العربية، الخليجية تحديدا، من الوقوف على حجم الازدواجية، التي تصل حدّ النفاق، لدى القيادات الإخوانية، وأعطت دليلا لا يقبل الشك عما تضمره الجماعات الإسلاموية من نوايا الإفساد والخراب، وإن تغطت بحجج الإصلاح وتدثرت ببريق التغيير.