جهاد الحجري يكتب:
هل أخطأ إمام اليمن في سياسته تجاه شيوخ وسكان الشمال؟
من قبل حدوث كارثة الوحدة ونحن نتعلم في مدارسنا أن ملك اليمن السابق كان طاغية وكهنوتيا، إضافة إلى جملة أخرى من النعوت والقصص التشويهية التي لا نعلم صدقها من كذبها.
وأياً كانت حقيقة ذلك النظام، فليس لنا الحق الجور في الحكم عليه لأسباب عدة، أهمها أنه حاكم تاريخي لدولة أخرى غير دولتنا، ولم يكن له سلطة على الشعب الجنوبي، وبالتالي ينبغي أن نحكم عليه بمنظور آخر أكثر حياداً من ذي قبل.
الثابت في حق أحمد حميد الدين (ملك اليمن) أنه فرض على بلاده في الشمال حصاراً مطبقاً، ومنع ساكنيها من الدخول والخروج والبقاء في حدودها إلا في ظروف استثنائية ونادرة.
إضافة إلى ذلك، فقد قمع شيوخ القبائل من آل الأحمر وغيرهم، كما نكل بمعارضيه السياسيين خاصة من تنظيم الإخوان الذي كان حاضروا بقوة في الشمال منذ الثلاثينيات.
إلا أن الواقع اليوم، وبعد خمسه عقود على رحيله يكشف لنا أن صوابية ما ذهب إليه وإن بدى للوهلة الأولى جائرا، فمشايخ اليمن طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ورأينا ذلك جلياً في المحافظات الجنوبية المحتلة طيلة عمر الوحدة المشؤومة.
أما إقفاله لحدود بلاده، فقد رأينا أيضاً حجم الكارثة التي حلت بنا فيما بعد، وقد تسبب خروج جموعه إلى الجنوب وغير الجنوب في حدوث كوارث سياسية واجتماعية بل وأخلاقية أيضا.
ويبدو أن الرجل كان أدرى الناس بخفايا شعبه، وأسرار العربية اليمنية، فلجأ إلى منع اختلاطهم بغيرهم حفاظاً على سلامة الآخرين، وكذلك يستحق الأحمر وأبو شوارب وغيرهم ما حل بهم على يديه.
إضافة إلى ذلك، فقد جربنا الاحتكاك بسكان محافظة تعز أكثر من غيرهم، وأدركنا كيف يتآمرون على الجنوب وهم يعيشون على أرضه، وكيف يدأبون على نشر الفتن المناطقية والاجتماعية أينما رحلوا، وهي نقطة أخرى تثبت صحة وجهة نظره عندما وصفهم بذلك الوصف المشهور.
الهدف من رأينا ليس بالضرورة أن نترحم عليه، بل على الأقل الا نسيمه بصفات مغرضه بسبب مواقف كان فيها أقرب إلى الحق من غيره.