جهاد الحجري يكتب لـ(اليوم الثامن):
لك الله يا جنوب
ليس هناك عبارة محددة نستطيع أن نوصف بها مصير العقيد طيار عبدالعزيز الصبيحي، فقد فاقت مأساته كل الحروف والحدود، ولم يعد هناك مجالاً أكبر للصبر، فقد فاقت مأساتنا كل التوقعات.
فبعد نصف عقد من التضحيات الجسام التي قدمها الجنوب، لنصر المشروع العربي، ها هم العرب يتنكرون لحقنا في الحياة، ويمنعون عنا أبسط مقوماتها، بما في ذلك لقمة العيش، والعلاج من الإصابات التي تعرض لها ذلك المقاتل الجسور، في مختلف ميادين القتال.
لقد آن لنا أن نطالب بحقوقنا، وأن نقتص لكرامتنا المبعثرة على أبوب مقر التحالف، ذلك المكان الذي ينتقص كل يوم من عزتنا، بعد أن مكناه نحن، من عاصمتنا عدن، إيماناً منا بعدالة المشروع العربي.
كما حان الوقت ليتساءل الأشقاء في المملكة – إن بقوا أشقاء – كيف سيبدو الوضع في الجزيرة العربية، لو لم يكن هناك الجنوب، ولم يتصدر رجاله المشهد دفاعا عن الإخوة التي بيننا.
ونراهن ونحن محقين في ذلك، أن التضحيات الجنوبية، هي وحدها من حالت دون وصول الحوثيين إلى أرض الحرمين، ولولا الجنوب لكان الحوثي سيد الجزيرة العربية، وبلا منازع.
ولولا المقاتل الجنوبي، لكانت إيران تحكم قبضتها على الشرق الأوسط برمته، بعد أن مكنت حلفائها في شمال اليمن، بكل أسباب القوة، وجعلت منهم قوة عظمى لتهديد أمن المنطقة.
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، أم التنكر والخذلان لرفاق الدرب، وشوكة الميزان، رجال الجنوب العربي الأحرار، والعرب الأقحاح، في زمانٍ كثر فيه التتريك والتفريس في الأمة.
لقد أخطأ الأخوة في التحالف فهم العقلية الجنوبية، وظنوا دفاعنا عنهم ارتزاقاً، فبالغوا في إيغال الجراح بيننا، ونسوا أن مصيرنا مشترك، وغداً سيبكون على تفريطهم بالجنوب، كما فرط الثورُ الأسود يوماً بأخيه.
نسوا أن دماء العسكريين في الجنوب، كانت نواة لثورتهم ضد نظام عفاش، وجعلته طريداً يسترزق النصرة من الحوثيين، بعد صدع صوتهم بالحق، وها هم اليوم يستذكرون نفس التجربة، ومع العسكريين أنفسهم، خيرة رجال الجنوب في الماضي والحاضر.
ولا نقول إلا لك الله يا جنوب، فلم نر غيره ناصراً لقضيتنا، ومنتقماً من كل قتلة الشعب الجنوبي، وما نراه من اقتتال بين الشماليين اليوم في مارب، إلا خير دليل على عظمة العدالة الإلهية.