جهاد الحجري يكتب لـ(اليوم الثامن):

إلى متى يموت الجنوبيون في صراعات الشمال؟

خلال غزو الجنوب الأول، صيف عام 1994، استطاع نظام عفاش – الأحمر في توظيف الخلافات الجنوبية – الجنوبية، واستغلال أحداث يناير الأسود للإيقاع بالجنوبيين ضد إخوانهم، حتى يتسنى لهم احتلال بلادهم، بأقل قدر من الخسائر الشمالية.

لم يدرك أولئك المغفلون أن الدائرة ستدور عليهم فيما بعد، وأنهم سيدفعون ثمن خيانتهم لوطنهم من أجل خلافات سياسية، حيث لم يفرق الاحتلال بين جنوبي وطني وجنوبي عميل، ومارس الاقصاء والتهميش بحقهم جميعاً دون استثناء.

واليوم ولمصالح اقتصادية – منها نهب ثروات الجنوب – يختلف الشماليون فيما بينهم، ويقررون الاقتتال لكن بأدوات غير شمالية، بعد أن نجح كل منهم باستقطاب جنوبيين في صفه، مستغلين الفقر والوضع المعيشي الصعب لأبناء المحافظات المحتلة.

فنظام صالح يجند أبناء لحج للإيقاع بأكبر عدد منهم في معاركه العبثية مع الحوثيين في الساحل الغربي، ومن المؤسف أن نسمع عن معركة شمالية - شمالية كل قتلاها من الجنوبيين، كما حدث مؤخراً في الدريهمي بمحافظة الحديدة اليمنية.

فصراع عفاش مع الحوثي شأن داخلي يخص اليمنيين وحدهم، وليس للجنوبيين في ذلك الصراع ناقة ولا جمل، وأي طرف ينتصر منهم سيكون العدو التالي للقضية الجنوبية، كونهم مجمعين على احتلال الوطن الجنوبي، وسبق أن قاتلوا جنباً إلى جنب ضد الجنوبيين في الغزو الثاني عام 2015.

إلى جانب الساحل الغربي، يدفع الإخوان يومياً بالمئات من أبناء أبين وشبوة للموت في معارك أخرى في محافظة مارب، حيث يسعى حزب الإصلاح إلى الانتقام لكرامته المبعثرة هناك عبر مقاتلين غير مقاتليه الفعليين، ويزج بشباب الجنوب في معاركه الدموية، في الوقت الذي يتجول فيها أبناؤهم في شوارع أنقرة وإسطنبول.

ولا نستبعد أن يجند الحوثيون مستقبلاً من أبناء المحافظات الجنوبية لخوض معاركهم مع الشرعية والعفافيش في الشمال، وربما لاحتلال الجنوب، كما يفعل الإخوان حالياً في شقرة.

لذلك فالقيادة الجنوبية معنية اليوم بحفظ دماء أبنائها، فهم ثروتها الحقيقية، ودرعها الحامي في وجه الغزو الخارجي، ومن الظلم أن يبقى استنزافهم من أجل قضايا تخص أعداء الجنوب، وتمهد لعودة الاحتلال.