عمر علي البدوي يكتب:
الخليج مسرحا لمفاجأة أكتوبر الانتخابية
حفِل التاريخ الأميركي بعادة انتخابية، لاسيما في حال كانت الأمور لا تتجه بسلاسة إلى مرشح ما، وهو أن يفجر حدث سياسي أو إعلامي مفاجأة من شأنها أن تسلط الأضواء وتميل بالكفة وترجح فوز أحد المتنافسين على الآخر.
تشير نظرية أو مؤامرة أو مفاجأة أكتوبر إلى قصة مزعومة للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت عام 1980 إبان المنافسة التي دارت بين الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر وخصمه الجمهوري حاكم كاليفورنيا السابق رونالد ريغان.
وتتابعت خلال الانتخابات التالية، مع تفجر قضية “إيران كونترا” للإضرار بفرص إعادة انتخاب جورج بوش الأب، وفي أكتوبر 2008 وصف الارتفاع القياسي في معدل البطالة بأنه “مفاجأة أكتوبر”، لحرمان مرشح الجمهوريين جون ماكين من الفوز أمام منافسه الديمقراطي أوباما، وفي 7 أكتوبر عام 2016 نشرت مقاطع أظهرت المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالمتطاول على النساء، وخلال الفترة نفسها، بدأ موقع “ويكيليكس” حملة تسريب رسائل بريد إلكتروني لتسليط الضوء بشكل سلبي جدا على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
تعبّر الاحتكاكات المبعثرة في أجزاء من المنطقة، عن نذير صدام مباشر وتدميري بين واشنطن وأدوات إيران في المنطقة، إذ ومع إقرار منظومة عقوبات جديدة على طهران
غالبا ما تكون المفاجآت من نوع قنبلة إعلامية صاخبة تحدث ضجيجا بتصاعد لأيام، ويحدث تأثيرا على مزاج المجتمع الأميركي، ويزيد من حظوظ مرشح على الآخر، وقلّ أن تكون حدثا على الأرض، كما أن الاتهامات توجه دائما للجمهوريين بأنهم لطالما برعوا في استخدام “مفاجأة أكتوبر” لقلب اتجاهات التصويت.
وبينما نقترب من منتصف شهر أكتوبر، وتبدو النتائج متأرجحة جدا، والأجواء ضبابية تماما، فإن شدة الاستقطاب تزيد من ترقب المجتمع الأميركي والعالمي لحدوث مفاجأة مدوية تبعثر الأوراق، ويظن بأن إصابة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزوجته بكورونا، أو اتفاقات السلام بين دول عربية وإسرائيل، ضمن هذه العادة، لكن مواصفات هذه الأحداث لم تكتمل عناصرها ولا موازين تأثيرها.
يترقب الخليج أكثر من غيره نتائج ما تنتهي إليه الانتخابات، نتيجة تأثير السياسة الخارجية الأميركية على معادلات المنطقة التي تقعد على كف عفريت، تشكل إيران صداع رأس المنطقة والعاصمة واشنطن على حد السواء. وسبق لإيران أن ارتبطت بأول حدث سجل عادة أكتوبر الانتخابية.
وتصاعدت درجة الاحتكاك بين طهران وواشنطن هذه الأيام، ووضع الرئيس الموشك على نهاية ولايته الأولى دونالد ترامب القضية الإيرانية على رأس الأجندة التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية، ليزداد لهيب الملف ويزداد جحيم توتره.
تعبّر الاحتكاكات المبعثرة في أجزاء من المنطقة، عن نذير صدام مباشر وتدميري بين واشنطن وأدوات إيران في المنطقة، إذ ومع إقرار منظومة عقوبات جديدة على طهران، أشار مصدر مقرب من إدارة ترامب ببدء العد التنازلي لضرب ميليشيات العراق، وتدجيج مياه الخليج والمضائق بالآليات الحربية والعسكرية.
غالبا ما تكون المفاجآت من نوع قنبلة إعلامية صاخبة تحدث ضجيجا بتصاعد لأيام، ويحدث تأثيرا على مزاج المجتمع الأميركي، ويزيد من حظوظ مرشح على الآخر
تشكل اتفاقات السلام التي بادرت إليها دولة الإمارات مع إسرائيل، في جانب منها، بلورة لنهج جديد في المنطقة يعبر عن تفاهم القوى الإقليمية على ضبط مسافات التعاون والتفاهم بينها، وذلك على وقع الانسحاب الأميركي التدريجي الذي كان الرئيس السابق باراك أوباما أول من جهر به.
حث أوباما دول الخليج على التفاهم مع إيران، وقوّى جانب طهران باتفاق يشوبه الكثير من الخلل والنقص، وعزز من انكسار المنطقة بتمكين جماعة الإخوان من حكم دول محورية عقِب ثورات الربيع العربي، ظنّا منه أن ما كان يعتبرها قوى معتدلة ستساعد في إنهاء أزمة المنطقة وانسداد الأفق في وجه شعوبها، لتتبنى قيما ديمقراطية في علاقاتها الاجتماعية وسلوكها السياسي ومنطقها الثقافي.
إلا أن الأحلام الهشة تبدلت بدخول المنطقة في نفق أكثر سوداوية بصعود رايات التشدد وتدفق شلال الدماء، الذي تناثرت شظاياه في عواصم عربية وأوروبية مختلفة.