محمد عبدالله القادري يكتب لـ(اليوم الثامن):
ثلاث طرق لالغاء اتفاق استوكلهوم
ليس هناك من خطأ تم اقترافه في المعركة مع الحوثي أكبر من القبول باتفاق استوكلهوم الذي اعاق استكمال تحرير الحديدة ، ومنح الحوثي حماية دولية ، وفتح الباب نحو السعي لاتفاقات مشابهة تحت مسمى السلام الشامل والتي ستعيق تحرير صنعاء وتفيد الحوثي الذي سيظل المسيطر والمتواجد في كثير من محافظات الشمال بل في جميعها ليكون المستفيد الأكبر من أي اتفاقات.
أعتقد ان التحالف والشرعية عند قبولهم بهذا الاتفاق ، لم يطرحوا في بالهم احتمالات المتغيرات المستقبلية التي ستخدم إيران سياسياً ويصبح هناك نوع من الصعوبة في هزيمة الحوثي سياسياً ، كالمتغيرات التي حدثت في أمريكا بفوز الرئيس بايدن مرشح الحزب الديمقراطي ذو التوجه الذي سيفيد إيران في المنطقة.
لو تم وضع هذا الاحتمال لما تم القبول بهذا الاتفاق الذي لن يلتزم به الحوثي لأن القبول به سهلاً والغاءه سيكون فيه نوع من الصعوبة.
هل تتذكرون يوم ان كثف الحوثي هجومه على مأرب قبل عدة أشهر ، وحينها نادى الجانب الحكومي و الكثير من الساسة داخل الدولة والإعلام مطالبين المجتمع الدولي ان يبرم اتفاق لحماية مأرب من الحوثي مشابه لاتفاق السويد الذي أعاق تحرير الحديدة.
أنا حينها استنكرت تلك المطالبة وكتبت مقالاً يحمل عنوان الشرعية وجريمة المطالبة لاتفاق لمأرب مشابه للحديدة ووضحت المخاطر.
تخيلوا لو تم برم اتفاق لمأرب كاتفاق الحديدة ، لكان الحوثي محمياً الآن في تواجده داخل بعض أجزاء مأرب ولضمن حماية صنعاء من هذا الاتجاه كاتفاق استوكلهوم الذي اوجد حماية للحوثي داخل الحديدة وضمن عدم التقدم نحو صنعاء من هذا الاتجاه.
صحيح ان الحوثي من بعد ابرام اتفاق السويد ، استخدم الحديدة لارتكاب جرائم بحق المجتمع الدولي من خلال استهدافه الملاحة الدولية والطريق التجاري العالمي بالزوارق المفخخة والالغام البحرية ، ولكن هذا لن يجعل المجتمع الدولي يلغي اتفاق استوكلهوم أو ارسال قوات دولية لازاحة الحوثي من الحديدة ، كونه سيتعامل مع افعال كهذه بتأمين مضيق باب المندب فقط وتقاسم البحر الاحمر في الحديدة مع الحوثي من خلال نشر قوات مكافحة هذه الجرائم مشابهه لقوات مكافحة القرصنة ، وهنا سيظل الحوثي مسيطر على مدينة الحديدة وميناءها.
للخروج من هذا المأزق ، ليس هناك سوى ثلاث طرق يجب القيام بها لالغاء اتفاق استوكلهوم.
الطريقة الأولى "سياسية"
رفض الاستجابة أو الخوض في أي حديث عن اتفاقات جديدة لايقاف الحرب مع الحوثي إلا بشرط أولي وهو الغاء اتفاق السويد ، فالحوثي قد خرق هذا الاتفاق الكثير من المرار وعدم الغاءه يعبر عن التواطؤ معه من قبل الأمم المتحدة ، فالغاءه يجب لكي يظهر موضوعية الأمم المتحدة وكشرط للدخول بمشاورات أخرى ، وهذا الالغاء سيكون باب لالغاء الاتفاقات الاخرى التي تحدث بعده في حالة اختراقها ، أما اذا حدثت اتفاقات اخرى في ظل بقاءه فإن الحوثي هو المستفيد وسيظل حاله في صنعاء كما حاله في الحديدة واذا ظل الحوثي مسيطر على صنعاء والحديدة فقد ضمن بقاءه في مركز دولة قوي وكان الأولى اولاً ان يخسر الحديدة لأنها أهم من صنعاء ، فإذا خسرها سيظل في مركز ضعيف ولا أهمية لصنعاء بدون الحديدة .
أيضاً يتم الغاء هذا الاتفاق عبر النجاح السياسي الذي سيجعل المجتمع الدولي يصنف الحوثي بالارهاب ، فإذا تم تصنيفه بالارهاب سقطت كل الاتفاقات لأنه لا اتفاق مع الارهاب.
إذا لم يتم الغاء هذا الاتفاق من قبل الأمم المتحدة عبر الغاءه كشرط للدخول في مفاوضات أخرى أو تصنيف الحوثي بالارهاب ، فإن الغاءه يجب عبر اعلان من قبل الدولة الشرعية من خلال استغلال حدث يوضح خرق الحوثي لهذا الاتفاق ، وكان يجب هذا سابقاً عند هجوم الحوثي على القوات المشتركة في الساحل أو عند استهدافه للحكومة في مطار عدن ، والآن لازال الأمر ممكناً فالحوثي يحشد قواته تجاه الساحل الغربي وعدن لحج والضالع ، وهو ما يفرض إعلان الحكومة الشرعية عن سقوط اتفاق السويد والتحرك لاستكمال تحرير الحديدة.
الطريقة الثانية : "حقوقية"
الحوثي بشن حربه على الحديدة ارتكب جرائم تنكيل ونهب وتدمير بحق أبناء تهامة ، وهناك مجاعة كبيرة في الحديدة وأمراض منتشره تسبب بها الحوثي ، وهنا يجب ان تظهر قضية اسمها القضية التهامية ويجب ان ترفع مظلوميتها وتشكل تكتلها لتشمل اقليم تهامة الحديدة وحجة والمحويت وريمة ويجب ان تكون هذه القضية مشابهه للقضية الجنوبية أو وضع اقليم حضرموت ويجب ان تطرح على المجتمع الدولي لتضمن مشاركة ابناء تهامة في أي مشاورات أممية قادمة بما يحقق نجاح سياسي يقضي على تواجد الحوثي في الحديدة ويكون الحل رحيله ووجود قوات عسكرية كالنخبة التهامية ويتم انصاف تهامة ومعالجة وضعها عبر تواجد داخل الدولة في ظل حماية سياسية دولية تغلق باب الاطماع عليها .
الطريقة الثالثة : "عسكرية"
وهي التوجه لتحرير صنعاء من اتجاه مأرب أو البيضاء ، فإذا تحررت صنعاء سقط الحوثي في الحديدة ، ولكن هذه الطريقة في ظل بقاء اتفاق استوكلهوم ستجعل الأمم المتحدة ومجلس الأمن يفرضون اتفاقاً عند وصول قوات التحرير لاطراف العاصمة صنعاء ، وهو الأمر الذي سيوقف معركة تحرير صنعاء كما وقف معركة تحرير الحديدة.
ولكن يجب ان ترفض الدولة والتحالف هذا الاتفاق وتحرر صنعاء لأن وجود اتفاقين اتفاق لصنعاء واتفاق للحديدة يعتبر جريمة كبرى لن تفيدهم بشيئ ، اما إذا تقدمت قوات التحرير لأطراف صنعاء وتم القبول باتفاق مع الحوثي لايقاف تحريرها كاتفاق الحديدة فلا داعي لذلك التقدم.