علي ثابت القضيبي يكتب:
يا قيادة المصفاة ألا تخافون الله؟!
بات شائعاً أن بلادنا بلغت الحضيض، وأن تقليص الموظف والمتقاعد والعاطل لقائمة مشترواته لم يعد يجدي فتيلاً ، فالدّخل تآكل بصورة مريعة ، والغلاء تفاقم بشكل كارثي ، ومعه تفاقم من يؤمّوا براميل القمامة ليقيموا وأدهم ، وأكثر منهم من يتسولوا في الشوارع والمساجد و... و... أي أن الملمح العام للبلاد يدمي القلب حقا.
هنا أسأل: لو ثمّة إنسان سويٌ حقاً، ويشعر أن له ضلعاً في كل هذا، يا تُرى كيف هي أحاسيسه في هذه الحال؟ وكيف ينام هانئاً؟ أو كيف يسرح ويمرح ويعيش حياته بشكل طبيعي؟! هذه أسئلة أضعها على طاولة قيادة مصفاة عدن ، وأيضا من يدفع بهم من خارجها ، ولأنه يريد استمرار توقيفها لاستخدامها لخزن محروقاته ، وهذا يعرفه الشارع ، ويعرف من وراء هذا ويسندهُ.
يا هؤلاء ، هذه المصفاة العدنية الجنوبية حيوية لكل البلاد ، فهي تكرر نفطنا المحلي ، ومنه يأتي البنزين والديزل والمازوت لمحطات الكهرباء وكيروسين الطائرات وغاز الطبخ و ... و ... وبتوقيفها نستورد كل ذلك من الخارج بالعملة الصعبة، وبكلفة فلكية ، فيشح الدولار في بنوكنا ويرتفع سعره ، ومعه يتفاقم الغلاء ويطحن المواطن كما هو الحال اليوم ، وهذه أصل ومحور معادلة الجوع والتجويع ، فلماذا تصرون على توقيفها؟! لماذا بالله عليكم؟
تفضل صاحب المعالي رئيس الوزراء مشكورا وأصدر قراراً بتعيين الدكتور الشماسي لإدارة المصفاة ، هنا هلّل الشارع فرحاً مستبشرا بذلك ، والشارع يدرك أن الإدارة السابقة تعمل وتدور في فلك عرّاب النفط في بلادنا ، مع ذلك قام المدير المُجاز إجبارياً وأصدر فرماناً بتولية نائبه لشغل موقعه - مُجاز ويصدر فرمانات! - وهذا يثبت الإصرار على استمرار وضع العصي في دواليب حركة المصفاة والتوجه لتشغيلها ، لكن الصفعة جاءت بمنشور مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء بصدد هذا المنشور ، والذي أوضح بأن لا تفاهمات بصدد بديلٍ بحسب منشور المدير المُجاز إجباريا ولا خلافه ، بل وحسم الأمر بأن البكري مجازاً إجبارياً ، ومعروفٌ أسباب ذلك وخلفياته وأبعاده.
في الأسبوع المنصرم ، وبعد صدور منشور المدير المُجاز إجباريا (البكري) ، فقد حضر المدير المعين د . الشّماسي إلى المصفاة لمباشرة عمله ، لكنه لم يجد أحدا من كل طاقم القيادة! ويوم حضر النائب المكلّف من المدير المجاز إجبارياً من ماليزيا توافدوا جميعاً، هنا وكأنّهم يُصرّحوا بصوتٍ عالٍ بأنهم (لوبي واحد) ، وأنهم طاقم مُعطّل ومُعيق لإعادة تشغيل المصفاة، والأمر لا يُفهمُ بغير هذه الصورة والدلالة.
نحن كشعب إزاء لوبي جهنمي يصر على تجويعنا باستمرار تعطيل المصفاة ، والمضحك أنهم يتقاضون الفتات من العراب الكبير الذي يحصد ملايين الدولارات شهريا من استمرار تعطيل المصفاة ( ?? مليون دولار شهريا بحسب صحيفة اللوموند الفرنسية) ، والمذهل أكثر أنهم - إدارة المصفاة - كلهم متقاعدون ، والمفترض أن يكونوا في بيوتهم أسوة ببقية أخوتهم المتقاعدين ، لكن لا ندري بأي قيدٍ يا ترى قد كبلهم به هذا الغول النفطي ، وحتى ينقادوا له كالعميان ، وهم يرون بعيونهم كل الويلات التي تسحق هذا الشعب وتطحنه اليوم ، وجزء أساسي من أسباب ذلك كما أجمع كل الخبراء الماليين والاقتصاديين في البلاد ، هو عدم تشغيل المصفاة كما سبق وأوضحنا ، وهذا أمر يثير الحيرة والغرابة حقاً ، أليس كذلك؟!