أحمد سعيد كرامة يكتب:

معركة مأرب .. ماقبلها ليس كما بعدها

لست من الشامتين أو الفرحين بسقوط باقي جغرافيا محافظة مأرب ومركزها بيد مليشيات الحوثي العروبية ، ولست من الحالمين أو الواهمين بأن مأرب ستصمد أكثر مما صمدت في وجه آلة عسكرية بربرية حوثية يواجهها جيش وهمي على الورق وقبائل صارت في مواجهة مباشرة مع مدفع الحوثي ، قبائل صارت تخشى فرار ما تبقى من قوات الجيش الورقي وأن يصبح مصيرها كمصير الجوف وعمران وصنعاء وغيرهم . 

الكل ينتظر صافرة نهاية معركة مأرب ، هي المعركة الأخيرة لمليشيات الحوثي العروبية للسيطرة على أهم مناطق الشمال الغنية بالنفط والغاز ومحطة الكهرباء الغازية العملاقة ، وبالتالي ستشكل نقلة نوعية لمرحلة بناء الدولة لحركة الحوثي . 

بالنسبة للشرعية وحزب الإصلاح خسارة مأرب لن يعوضها حتى حضرموت وشبوة ، وبالتالي ستشرع كعادتها بنقل المعارك إلى الجنوب لأنها تعتاش وتتنفس من نار الحروب والأزمات والكوارث والمؤامرات والدسائس فقط ، لا مشروع دولة أو حتى حياة في جعبة الرئيس هادي وبطانته . 
رفض القائد اللواء عيدروس الزبيدي الذهاب إلى الرياض وكذلك الوفد التفاوضي ، كان الرفض هذه المرة حاسما وحازما ولا رجعة عنه الا بعد تطبيق بنود مؤامرة إتفاق الرياض . 

تنصلت السعودية عن تطبيق بنود إتفاق الرياض الذي رعته حتى على مستوى الجانب الإنساني ، فلا رواتب للجنود وصلت كما وعدت ، ولا وديعة دخلت خزينة بنك عدن المركزي ، ولا حتى شحنة وقود لمحطات توليد الكهرباء في عدن في شهر رمضان المبارك وصلت ، وكأن هذا الشعب لا يستحق أدنى مراتب الأخوة في الإسلام . 
جميعنا ننتظر صافرة نهاية معركة مأرب للولوج في مرحلة ما بعد مأرب وانهيار شرعية الرئيس هادي الذي سيغري الكل للانقضاض عليه لازاحته من المشهد السياسي والعام نهائيا . 
الخلاف الإماراتي السعودي أصبح في العلن وخرج من دهاليز وسراديب القصور ، وسموا ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بتصريحاته الأخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر بعير التحالفات الاستراتيجية والشراكة ، مصلحة السعودية أولا وأخيرا ، متناسيا ومتجاوزا مصالح الحلفاء والشركاء وعلى رأسهم الإمارات العربية المتحدة . 
لا أعلم من أشار على الأمير بتلك التصريحات الانهزامية العلنية ، كان الأحرى به إرسال مبعوثين لمن يريد بطريقة سرية حتى يرى جدية الطرف الاخر قبل التصريح الذي أثر كثير على مكانة وقوة ونفوذ السعودية ، بل أن رد مليشيات الحوثي العروبية كانت قاسية جدا ، من خلال إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى داخل السعودية بعد دعوة الأمير للحوثيين . 

لم يعد للمجلس الانتقالي الجنوبي من خيار غير تحرير أبين حتى حدود شبوة ، وترك تحرير شبوة لابنائها فقط مع تقديم كل أنواع الدعم اللوجستي من قبل الإنتقالي ، فبعد سقوط مأرب ستتوجه قوات مليشيات الحوثي العروبية إلى السيطرة على ميناء بلحاف عن طريق البيضاء بيحان ، من أجل تأمين تصدير الغاز الماربي المسال عبر بلحاف إلى العالم بالاتفاق مع شركة توتال الفرنسية ، العالم يتعامل مع صاحب الأرض والقوة بغض النظر عن مشروعه السياسي أو الطائفي . 

عدم تحرير صنعاء قرار أتخذته السعودية من بداية العاصفة وتراجعت القوات من بني حشيش والحارث ومشارف مطار صنعاء إلى نهم ، كانت البندقية موجهه صوب الحوثي واليد الأخرى قابضة برقبة الجنوب وكاتمه على أنفاسه ، ترك البنك المركزي لسنوات في صنعاء ، تركت مقار شركات الإتصالات والبنوك والمصانع والشركات ، ترك سنتر التحكم بأجواء هيئة الطيران المدني والارصاد حتى اللحظة في صنعاء ، ترك المقر الأم لطيران اليمنية حتى اللحظة في صنعاء ، وثلثي المسافرين يدفعون ثمن تذاكرهم لمليشيات الحوثي العروبية ، حوصر ميناء عدن من خلال قرار سعودي عبثي بضرورة إجراء عمليات تفتيش البواخر و السفن في ميناء جدة التي قد تستغرق ثلاثة أشهر ، مما فاقم من معاناة التجار وزاد من تعرفة الشحن أربعة أضعاف دفعها المواطن من قوته ، حوصر مطار عدن حتى اللحظة من خلال السيطرة عليه من قبل مطار جدة الدولي ، وفرض طيران اليمنية كناقل جوي محتكر بأسعار فوق الخيالية ، شحنات النفط الإيرانية تدخل ميناء الحديدة رغم علمهم بأنه دعم ايراني مباشر بأسماء تجار وهميين ، ما أسردته هو القليل فقط من دعم التحالف لمليشيات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . 

علينا التحرك اليوم قيادة وشعب قبل فوات الآوان ، الكل يبحث عن مصالحه الخاصة فقط ولم يعد هناك أمن قومي عربي أو إسلامي أو إقليمي ، حتى لو كان ذلك على حساب شعب وأمة على وشك أن يتبدل دينهم إلى أن يشاء الله .