خالد سلمان يكتب:
ما أغضب السعودية والشرعية جنوباً!
السعودية تحشد المواقف السياسية الغربية ضد الانتقالي الجنوبي، والشرعية تحشد قواتها بعيداً عن مأرب والبيضاء جنوباً.
نحن بانتظار النقلة التالية في شطرنج الصراع: ابتزاز الانتقالي بالسياسة. أو كسره بالحرب.
الخيار الثالث بيد الانتقالي، هو وحده من يصيغ ويقرر كيف يبني موقفاً خارج هذه الكماشة.
في العمل السياسي التفاوضي لا يعني أن تقف ووجهك للحائط، أن تتلقى الضربات، دون أن تقوم بخطوات من شأنها أن تدفع بقضيتك إلى الأمام وتراكم أسباب وعوامل القوة.
في السياسة لا يوجد خياراً وحيداً، بل عليك أن تحتفظ بالبدائل والخيارات المتعددة. تستطيع أن تفاوض وأن تقاوم مشاريع تصفيتك في آن معاً.
تستطيع أن تدير الحوارات دون أن تتخلى عن آليات العمل السلمي النضالي، تستطيع أن تفاوض من موقع من يمتلك نصف الطاولة بندية كاملة، لا أن تكون مكملاً ورقماً إما أن ينصاع أو يُشطب.
ما يراد للانتقالي هو أن يكون آذناً صاغية لاشتراطات وإملاءات الطرف الآخر، أن يتحرك في المساحة المسموح له الحركة فيها، أن يخضع لتفسيراتهم وتأويلاتهم لبنود اتفاق الرياض، أن يزن كل خطواته بما لا يغضب رعاة الاتفاق، أن يتخلى عن روافعه السياسة، وأن يضع حواضنه في حالة موات وشلل كلي وعدم حركة.
لا أتصور أن التعيينات الأخيرة هي ما أغضب السعودية والشرعية، بل اعتماد نهجاً مدنياً هو ما يثير حساسية المملكة، ومخاوفها من أن يتكرر، نموذج الهبات الشعبية، والتظاهرات واسعة النطاق لتغيير الوضع الرديء القائم، وأن يتخطى هذا الفعل المربع اليمني إلى الجوار.
زخم الفعاليات المدنية، والزج بالقوة لصياغة خارطة تقاربات سياسية، بين قوى ممتدة من الجنوب إلى الشمال، وكسر الخطوط الحمراء، أي دفع مليشيات الجيش (الوطني) إلى الهامش، وسحب البساط من تحت اقدامه، وتقديم نموذجاً ميدانياً فاعلاً بديلاً عنه، هو ما أغضب الشرعية وأثار حفيظتها، وصعد من مواجهتها مع الانتقالي، حد اعتباره في سلم الأولويات قضية تتجاوز بأهميتها مواجهة الحوثي.
مزيد من الحراك يعني المزيد من مراكمة عوامل القوة، والدخول بالمفاوضات من موقع الفاعلية والاقتدار.
لا تدعهم يصلبوك على طاولة الرياض كخيار احادي يتيم، حرك الشارع وفاوض.