فيصل الصوفي يكتب:
قطر للديمقراطية وحقوق الإنسان
في القرن التاسع عشر ميلادي، اختارت سلطات الاستعمار البريطاني في العراق وشاطئ بحر الخليج الفارسي، شيخاً من بين الشيوخ المتعاركين، كان يدعى ثاني، فجعلته حارساً لمصالحها البحرية في قرية صغيرة قرب البحرين تسمى قطر، وهي اليوم دولة قطر.. لكن أين كانت قطر التجارة واللؤلؤ، وكيف أصبحت قطر الغاز وحقوق الإنسان؟
صارت دوحة الديمقراطية وحقوق الإنسان في عهد الأمير تميم بن حمد آل ثاني.. قبل ذلك التاريخ كانت قبيلة آل مرة بأفخاذها المتعددة موجودة هناك.. المنتمون لهذه القبائل يعيشون في دولة قطر لكن لدى دولة قطر الديمقراطية معاذيرها.. إنها دولة دستور وقانون.. دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان.. فما عليها لو حسد الحاسدون؟ أليست هي المقر الرسمي للمؤسسة العربية للديمقراطية التي تعنى بتطوير ونشر الديمقراطية في المنطقة العربية؟! أليس في قطر مؤسسات حكومية لحقوق الإنسان أكثر من أي دولة على ظهر البسيطة؟ ففيها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.. مكتب حقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية.. إدارة حقوق الإنسان في وزارة الداخلية، وغير هذه كثير.
ولاحظوا الخطوة الديمقراطية الجبارة التي برزت يوم 29 يوليو الماضي، ففي ذلك اليوم التاريخي أصدر أمير الدولة تميم آل ثاني، قانونا يقضي بانتخاب 30 عضوا في مجلس الشورى من قبل الناخبين، وسوف يعين الأمير 15 عضوا بمرسوم أميري.. وقبل أيام قلال ردف المرسوم بمرسوم حدد فيه تاريخ الاقتراع وهو اليوم الثاني من شهر أكتوبر القادم، وتعتبر هذه خطوة غير مسبوقة في هذا البلد الديمقراطي الذي سجن فيه شاب مدة 16 سنة بسبب قصيدة، إذ إن جميع أعضاء المجلس الخمسة والأربعين كان يعينهم أمير الدولة جميعهم بمرسوم.
القانون المشار إليه يشترط في من يترشح لمجلس الشورى، أن يكون قطريا أصليا.. ويشترط في الناخب أن يكون قطريا أصليا، أما إذا كان قد اكتسب الجنسية القطرية فلا بد أن يكون جده قطريا من مواليد قطر.. والأصلي هو الذي وجد هو أو جده وجدته في إمارة قطر قبل عام 1930!
وهذه النصوص القانونية التي تعمل مبدأ المساواة، مأخوذة من قانون الجنسية.. ينص قانون الجنسية بأنه لا يجوز.. هكذا! لا يجوز التساوي بين من اكتسب الجنسية القطرية، وبين القطري الأصلي، في ما يتعلق بالوظائف العامة، أو العمل في قطاعات الدولة المختلفة، قبل مرور 5 سنوات من حصولهم على الجنسية، ولا يحق لمن اكتسب الجنسية القطرية الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية.. وعليه فإن رجال قبيلة بني مُرة ليس من حق أي وأحد منهم الترشح للانتخابات الديمقراطية- الشوروية.. فهم بدون.. أي لا يحملون جنسية قطر.. صحيح أنهم وجدوا في قطر قبل ميلاد الشيخ ثاني، لكن هذا لا يعني أنهم قد أصبحوا قطريين أصلاء.. فهذه مسألة حقوق إنسان وديمقراطية لا تحتمل التهاون.
اليهودية الأثيوبية بنينا تامانو- شاتا هاجرت إلى إسرائيل في العام 1983، ومن ساعة وصولها أمست مواطنة إسرائيلية... وبعد عشرين سنة ونيف أصبحت عضوة في الكنيست، وبعد ثمانية أعوام تلت، رشحها حزب أزرق- أبيض لتكون وزيرة الهجرة في حكومة نتنياهو الأخيرة، وهذا ما كان.. وفي قطر قبيلة عربية وجدت قبل ظهور اسم قطر ليس لأفرادها أن يترشحوا أو يصوتوا في انتخابات، أو أن يحصلوا على وظيفة عامة في دولة قطر الديمقراطية الشعبية لحقوق الإنسان، لكن إخوانياً مثل القرضاوي المصري يصبح قطرياً في ساعة، ويبوس تميم رأسه بوسة لذيذة.
بقي لنا قول لولد آل مرة التعزي.. أنت يا ولد بدون.. والله لو سرجت لهم بأصابع يديك.. بدون يعني بدون، فاحفظ ما تبقى لك من كرامةـ وإياك أعني وافهمي يا جارة!!