محمد محمود بشار يكتب لـ(اليوم الثامن):
المُلا بايدن و (طلبنة) الحركات الإسلامية
بعد أن ثبت بايدن موطأ قدميه في البيت الأبيض، خرج إلى العالم ليقول كلمته في تحديد مصير الدول و الكيانات في سنوات حكمه الاربع.
عملية الانسحاب من افغانستان تمت بحسب اتفاقية مع حركة طالبان كما يقول بايدن و الاتفاقية تمت في شباط 2020 اثناء حكم دونالد ترمب.
طالبان التي سيطرت على كابول من دون ان تطلق طلقة واحدة، تقوم الآن بالتسويق لمظهرها الجديد، حيث يرى العالم و بشكل مباشر عبر شاشات التلفزة، قادة طالبان اللذين لم تكن تتوفر صورة واحدة لهم، و كانوا أشبه بالأشباح و الظلال في السنوات الماضية.
القوة العسكرية التي تسيطر الآن على كابول من محرابها إلى مطارها، ترتدي زياً نظامياً يشبه زي قوات الكوماندوس الامريكية و يحملون رشاش (إم سكستين) عوضا عن رشاش (الكلاشينكوف) و هي قوات بدر 313.
في حرب 2001 عندما تم قصف كابول، حينها كان مراسل الجزيرة تيسير علوني يجري لقاءات مع الأهالي اللذين كانوا يعبرون عن ذهولهم و صدمتهم إزاء ما يجري. فهم كانوا يقولون: (لا نعرف من يقصفنا و من أين تأتي الضربات).
حيث كان شراء اجهزة التلفزيون و ووضعها في المنازل ممنوعا على الافغانيين، و ذلك في ظل حكم طالبان (القديمة). أما الآن و في ظل حكم طالبان (الجديدة) فقادة الحركة يدعون الاعلاميين إلى العمل في بلدهم و بالفعل العديد من مراسلي القنوات التلفزيونية العالمية و العربية و الاقليمية يتواجدون الآن في افغانستان، و ذبيح الله مجاهد يعقد المؤتمرات الصحفية التي يتم بثها بشكل حي و مباشر و ذلك كمتحدث رسمي باسم الحركة.
بعد أن كان ممنوعا على المرأة أن تخرج من المنزل الا برفقة محرم، الآن هناك دعوات لاستمرارها في العمل و التعليم ولكن بشروط محددة كارتداء الحجاب.
دبلوماسيا تدعو طالبان جميع الدول من دون استثناء الى الاستمرار في عملها الدبلوماسي في العاصمة كابول، و هذا يعني انخراط حركة طالبان في العملية السياسية الدولية، وذلك بعد انزوائها في جبال تورا بورا و اعلانها الحرب على كل كيان يحمل اسم الدولة و يكون دينه غير دين الاسلام.
حركة طالبان(الجديدة) تحكم الآن وفق اتفاقية الدوحة مع الولايات المتحدة الامريكية، وهي بالتالي أي (طالبان) ستتحول إلى انموذج جديد لعلاقة واشنطن مع الكيانات السياسية و الحركات الاسلامية.
منتقدو بايدن يستعلمون عبارة (الانسحاب الفوضوي) يبدو إن هذا الوصف يتقاطع مع وصف ترمب لبايدن اثناء الحملة الانتخابية و المنافسة بينهما، حيث اطلق عليه لقب (جو النعسان).
هذه الالقاب و المصطلحات لم تأتي من فراغ، فربما هي التي تعبر عن جزء من الاستراتيجية الجديدة لواشنطن في عملية إدارة العالم في عصر بايدن، الذي سيغض الطرف عن الكثير من الانتهاكات و التجاوزات و بنفس الوقت سيدير من مكتبه البيضاوي في البيت الابيض و من على بعد آلاف الكيلومترات، الفوضى التي ستعم أغلب دول العالم للحفاظ على مبدأ (أمريكا أولاً) و من دون إراقة دماء الجنود الامريكيين.
انتهى زمن (أفغنة الصراعات) و مع المُلا بايدن بدأ زمن (طلبنة الصراعات) و إدارة عنف و تطرف الحركات الاسلامية بمقاييس و معايير حديثة و بمظهر جديد.
*كاتب سوري