خالد سلمان يكتب:
وحدة المعركة.. مناقشة هادئة
لا أحد ضد تضييق الهوة والبحث عن مشتركات بين قوى الفعل الميداني، التفاهمات لا تّبنى بخطاب الصوت العالي ومدائح السلطان، وإضفاء المسميات القُدسية على بعض رموز وأطراف الحوار.
البحث عن صيغة توافقية تحتاج أولاً إلى تحديد المفاهيم وترتيب الأولويات، والنقد الذاتي المسؤول للمواقف العدائية النزقة، والضارة بمفهوم وحدة الصف على قاعدة القواسم المشتركة، وتنمية المشتركات ومن ثم البناء عليها، وهو ما لم يحدث طيلة سنوات حرب سبع، ظل الخصم الرئيس الحوثي في منأى عن العداوات، أو توجيه الجهد السياسي العسكري ضده، بذات القدر والحماسة المتصدرة المواجهات البينية لأركان المؤتلفين اليوم.
في تعز البندقية عاطلة عن العمل، في شبوة الحوثي خارج الأولوية، في شقرة الخصم الأثير الانتقالي، في ريف تعز التحشيد العسكري الديني السياسي يتجه جنوباً، طارق في نظرهم خنجر في الظهر والانتقالي مخلب قط الإمارات، والتعبئة الذهنية النفسية العقائدية، مضت بهذا النسف الجنوني، لسنوات من على المنابر في الحلقات والمعاهد وخُطب المساجد.
مخرج هذا الفعل الضار لا يمكن محوه بديباجة بيان نهائي، يجعل إرث الماضي خلف الجميع ويؤسس للمستقبل.
هناك عديد خطوات يجب المضي بها:
على الصعيد السياسي الاعتراف بأن عدم جدولة الإصلاح لخصوماته خدم الحوثي وأضر بكل الأطراف.
على الصعيد العسكري، ولبناء جسور الثقة يجب إعادة تصويب وجهة البندقية إلى حيث ينبغي لها أن تكون، هناك في خنادق الصراع مع الحوثي، ويجب تفكيك المليشيات الدينية كالحشد الشعبي ومحور طور الباحة غير الشرعي، وإعادة تموضع القوات في معركة يديرها جيش محترف لا مليشيات دينية، تسعى للتمكين كأولوية تفوق أولوية تحرير الوطن.
الإصلاح حتى الآن لم يبد من الخطوات ما يوحي بأمكانية بناء جسور الثقة، ويؤسس لتوجه جديد خارج خزعبلات التأويل الديني للنص، واعتبار أي تفاهمات تأتي من باب درء المفسدة، والضرورات تبيح المحظورات.
تأجيج العاطفة وغياب الخطاب العقلاني، والتعاطي مع ما حدث من خلافات ممهورة بالدم، بذهنية ماسح زجاج السيارات وعفا الله عما سلف، لن يقود إلى تشكيل جبهة موحدة في حدودها الدنيا، سيبرد الخصومة لبعض الوقت، ولن يعيد تعريف الحق في التباين كعامل إغناء ودفع إلى الأمام.
ما لم تنسحب القوات من الأطراف الجنوبية، وتتشكل جبهة حقيقية لعسكرية وطنية محترفة على امتداد الخارطة، سيظل أي لقاء أو تفاهم مجرد مهرجان كلام، وفرصة لتلميع وتسويق الرموز، وستبقى الانتهازية سيدة الموقف، والرشد السياسي الغائب الأكبر.
هل من مصلحة السعودية أن تمنح الحوثي تأشيرة مرور، كي يتمدد على كل الجغرافية اليمنية، لجر الإخوان، كما تقول نظرية المؤامرة، لحرب استنزاف مدمرة مع الحوثي؟!
لا.. قطعاً، الإخوان ليس خصماً للحوثي حتى آخر نفس، يمكن أن يحاربه بقدر قليل من الجدية، دون استنزاف قوى الإخوان حتى آخر قطرة دم.
السعودية ستتفاوض مع الحوثي، من أجل صفقة ذات صلة بأمنها الداخلي، ولكنها لن تمنحه ميزة استراتيجية إضافية، بتهديد داخلها عبر منصات هجوم الجوف وشبوة ومأرب والممرات المائية، فيما هي عاجزة عن وأد منصات صواريخ ومسيرّات صعدة وكل الشمال.
الحوثي يتقدم خارج تفسير المؤامرة، ويفرض على السعودية شروط حل، يضمن فيه أمن عمقها مقابل تفاهمات دولية إقليمية.
ولعل ذلك ما منع القوى الدولية أن تعلن أن مأرب خط أحمر.