عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):

مشاورات اليمنيين في الرياض وطريق السلام المفقود !

في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض ، يعقد  اليمنيون من الثلاثين من مارس للسابع من إبريل مشاورات ، يشارك فيها ممثلون عن مختلف المكونات والفئات السياسية والاجتماعية والعسكرية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب ،  الهدف منها كما أعلن إحلال السلام واستعادة الدولة ، دون وجود ممثلين عن المليشيات الحوثية ، التي أشعلت الحرب ومازالت تشعلها على الشعب اليمني ، وتهدد الأمن الإقليمي والدولي ، ما جعل المشاورات  تنحصر بين المكونات والقوى المناوئة للمليشيات الحوثية لاغير، ما يجعلنا نرجح أن تركز المشاورات على الحد من التباينات في الصف المقاوم للمليشيات الحوثية ، ومحاولة توحيد الجهود ورص الصفوف لاستمرار الفعل المقاوم لها . 
وضع الحرب أوزارها مرهون بحضور مشاورات الرياض المعنيين بها بلا استثناء ، كيف يمكن لسلام أن يتحقق في ظل عدم مشاركة المليشيات الحوثية ،  مع من إذن سيكن السلام ،  طالما والمليشيات الحوثية غائبة عن المشاورات ،  ثم إن السلام لا يستجدى مع مليشيات الحوثيين ، التي تنتهج القتل شرعة ومنهاجا وطريقة ؛  للتحكم برقاب اليمنيين ومستقبل بلدهم ، كما أن أي حديث عن السلام، وإنهاء الحرب دون أن تجبر مليشيات الحوثيين عليه ، يعد بمثابة إعلان إنهاء الحرب من طرف واحد .
إعلان التحالف إيقاف العمليات العسكرية في اليمن لمدة شهر ،   بالتزامن مع إنطلاق المشاورات اليمنية اليمنية ، لعله يأتي لإتاحة الفرصة للمليشيات الحوثية لأن تراجع نفسها ، وتلحق بمشاورات الرياض ، كما يريد التحالف أن يعطي رسائل عدة للمليشيات وللمجتمع الدولي بأنه جاد في تحقيق السلام ، ووضع نهاية للحرب ، ويمنح المبعوث الأممي هانس جروندنبرج ، الذي وصل للمنطقة ، فرصة إقناع مليشيات الحوثيين اللحاق بالمشاورات ، التي تتحجج دوما بما تسميه العدوان ،  إذ أن التحالف بهذه الخطوة قطع الطريق أمامها من استغلال استمرار العمليات العسكرية للتحالف للتهرب من استحقاقات السلام .
محطات كثيرة مد فيها اليمنيون يدهم للمليشيات الحوثية ؛ بغية إحلال السلام ، من اتفاق السلم والشراكة ، إلى مفاوضات جنيف وبيل والكويت ، إلى اتفاق استكهولم ، لكن تلك المليشيات لا تلقي بالا لأي دعوات للسلام ، ولا تكترث للمآسي التي يتجرعها اليمنيون جراء الحرب ، وفي كل محطة للتفاوض أو الحوار ، تجدها المليشيات الحوثية فرصة ؛  لالتقاط أنفاسها وترتيب صفوفها ؛ لتهاجم المدن اليمنية ، وتقصف الأعيان والمنشآت المدنية والاقتصادية للسعودية .
 لقد أصبح اليمن بين ثنائية لا مفر منها ، إما أن يظل جزءا من الكيان العربي ، حارسا أمينا لمصالحه ومصالح جيرانه ، وإما أن يصبح  منطقة نفوذ إيرانية ، تكمل إحكام الطوق الإيراني على الخليج من الجنوب ، بعد سيطرة إيران على العراق ، ونفوذها الكبير في سوريا ولبنان ، لتتحول اليمن خطا هجوميا متقدما لطهران،  ومصدرا لتقويض استقرار وأمن الخليج .
إن أي جهود تبذل لإحلال السلام في اليمن واستعادة الدولة ، ستفشل ما لم تكن منطلقة من رؤية شاملة ، وحل متكامل وجذري لأسباب الحرب ، وإضعاف عوامل القوة ، التي تستند إليها المليشيات الحوثية ، في خروجها عن المشروع الوطني بل والعربي في تحالفها مع إيران ، ولن يتأتى ذلك إلا باستكمال التحرير ، وبسط سلطات الدولة الشرعية على كافة الأراضي اليمنية .