خالد سلمان يكتب:

بين الضعف والقوة

تحت غطاء الهدنة يحشد الحوثي قطعه العسكرية، يعزز الجبهات بالأفراد والسلاح، يستعد لعمليات ما بعد الهدنة أو ربما أثناءها، ويتعاطى مع إقرار الهدنة كوقفة تعبوية ومرحلة التقاط أنفاس، لإعادة قراءة الموقف العسكري، وتحديد وجهة النقلة التالية. 

عضو مجلس الرئاسة طارق صالح قال: إن الحوثي يناور، وزير الخارجية أكد أن الحوثي يخرق الهدنة، الجوار الإقليمي يتلقى عمليات استعراض القوة الحوثية، واستهدافات صواريخه بكثير من الصمت السعودي وطول النفس، والتمترس خلف التهدئة أطول فترة ممكنة، حتى يتم التفاهم على تسوية تمر عبر البوابة الإيرانية. 

ليست هذه هي المعضلة، أن يحشد الحوثي أمر في حكم المعلوم بالضرورة بشواهد الميدان، أن يقصف لا يحتاج لتصريح وزير الخارجية، أن يراوغ لا ينتظر تأكيداً من عضو مجلس الرئاسة، المعضلة الحقيقية تكمن في موقف الطرف الآخر، كيف يتعاطى مع كل هذه الشواهد الدالة على نوايا مبيتة للحوثي، لاستئناف الحرب، بمزيد من القوة والزخم والقدرة على حسم عسكري في الجبهات المعلقة، منذ ما قبل الهدنة، وتأتي ما تبقى من مأرب في صدارة أهدافه الميدانية. 

الشرعية تدين وتستنكر وتكشف الخروقات وتسجل التجاوزات، دون أن تقيم وزناً لضرورة القيام بخطوات مقابلة، من رفع الجاهزية وإعادة توزيع القوات، وسحب ألويتها الضاربة من حضرموت والمهرة وأبين، إلى مسرح العمليات المتماسة مع الحوثي، وتنظيف البيت القيادي في تلك المناطق العسكرية، من قيادات الفساد والهزيمة وعدم الانتماء لمدرسة الجندية الوطنية، وتغيير قيادات محور تعز بتفكيك طابعها المليشاوي الحزبي، وسحبها من أطراف الجنوب إلى الداخل التعزي المحتل. 

خيار السلام الذي يرفعه المجلس الرئاسي، هو هزيمة متكاملة ما لم يكن مسنوداً برديف القوة، وطرح خياري السلم والحرب بصورة متزامنة وبحظوظ متكافئة، إما سلم بلا حرب أو حرب تقود إلى إجبار الطرف الآخر، الانصياع لضرورات الجنوح للسلم. 

في المشهد هناك صورة واضحة الأهداف يمثلها الحوثي، أي فرض تسوية تستقيم على حامل القوة، وهناك ظل صورة باهتة تمثلها الشرعية، حيث تترنح بين خطابية السلام بلا حيثية عسكرية محققة على الأرض، تسند طوله وتفرض البدائل أو على أقل تقدير تستعد للأسوأ. 

سيان الأمر بالسلاح أو بالتفاوض، السلام من موقع الضعف هزيمة.