د. عيد النعيمات يكتب لـ(اليوم الثامن):

من هو .. وماذا يريد نظام الملالي الحاكم في إيران !!!

بداية نود أن نؤكد بأننا في منطقتنا العربية لا نؤمن بالتعدي على حقوق الغير وتهديد أمنه وسيادته والمساس بشرعيته، وقد أمضينا العقود المنصرمة من تاريخنا المعاصر في حالة الدفاع عن النفس والتقيد بالقيم والمبادئ التي آمنا بها وارتضيناها لأنفسنا ورسخناها وأسلافنا في مجتمعاتنا ونشأنا عليها وهي الحق، وكنا ولا زلنا على ذلك، ولا زالت المروءة والثوابت المقيدة بتلك القيم هي كل شيء بالنسبة لنا مجتمعات ودول وقيادات، وقد يُخيل الشيطان القرين للجاهل المستهتر أن ما نحن عليه فرصة له ليتدخل في شؤوننا أو أنه من الممكن أن نكون لقمة سائغة له، وإن جرب فسيرى نساؤنا في الشدائد أسودٌ ضواري وتُريه رجالُنا نار الجحيم الذي لا يطيقه.

من هو .. وماذا يريد نظام الملالي الحاكم في إيران؟

  من الواجب علينا أن نتوسع في معرفة ما حولنا من الأصدقاء والأعداء لنضع النقاط على الحروف ونعطي كل ذي حق حقه ونعرف قدره خاصة في عالم اليوم الذي يسوده الإستهتار والإنفلات وعدم إحترام سيادة الدول وكرامة الشعوب.

يريد نظام ولاية الفقيه ابتلاع باقي الدول العربية وصولا إلى إفريقيا بعد أن تمكن من ابتلاع 4 دول عربية بمباركة دولية وأمام ومرأى الجميع وبإعترافه غير المنقطع، وزرع الفتن بين الأشقاء في دول أخرى، ويهدد الأمن الداخلي لأخريات، وينشر أفكاره السامة ومخدراته في جميع دول المنطقة عبر حدود مناطق نفوذه ولولا يقظتنا وتكاتفنا قيادة وحكومة وشعبا لغرقت بلادنا ومن حولها في المخدرات التي ينظر العدو الناشر لها بأنها وسيلة لهدم المجتمعات التي يستهدفها وفي نفس الوقت وسيلة لتحقيق موارد مالية تمول ميليشياته المنفلتة هنا وهناك، وبالطبع لابد أن يرافق تهريب المخدرات تهريب سلاح ٍ وتهديداتٍ أمنية مباشرة، وتهريب المخدرات ونشرها في المجتمع هو أكبر تهديد أمني واجتماعي وقد يصل إلى مستوى الحروب التي تستوجب الشجاعة من العدو بأن يعترف بها، وقد أفلح نظام ولاية الفقيه في الإحتلال والهدم كما فعل في العراق، والهيمنة والهدم كما فعل في سوريا ولبنان، والتدخل فيه واحتلال عاصمته وجعله مسرحا للموت والخراب والدمار والعبث كما هو الحال في اليمن، وزرع الفتنة وشق الصفوف بين الأشقاء كما فعل بفلسطين وعطل مراكبها السائرة بما يخدم المحتل، لكن الدول التي لم تفلح محاولاته في النيل منها باتت اليوم هدفا له لنشر سمومه من مخدرات وفكر ظانا وظنه السوء أنه سيفلح.. وأعتقد بات تعريف من هو نظام الملالي الحاكم في إيران واضحا.. أما ماذا يريد فهو لا يريد سوى التوسع وخدمة أغراضه ومصالحه ومصالح حلفائه ليكون قوة إمبراطورية جديدة تتقاسم النفوذ العالمي مع الشرق والغرب من خلال نهجه العبثي وعصاباته المسلحة السائبة، ويزداد حماسه اليوم بعد أن حصل على تكنولوجيا الغربان المسيرة من الغرب ليضرب بها الأبرياء ويعزز بها عملية إدارة صراعاته إلى أن يتمكن من الحصول التقنية الكاملة للقدرة النووية ويصبح وسيلة مرحبا بها لصناعة الأزمات بالمنطقة بما يخدم ويحقق المصالح لحلفائه المستفيدين من هذه الأزمات، ولن تهدد قدراته النووية إلا الدول العربية والإسلامية ومن يقرأ التاريخ وتفاصيل الأحداث يدرك ذلك جيدا.

هل يمكن تعريف نظام الولي الفقيه الحاكم وفقا لتسمياته وإدعاءاته أو وفقا للمفاهيم السياسية العالمية؟

لكل نظام سياسي تعريفا يتوافق مع نهجه وفكره، فهناك الأنظمة القومية والأنظمة الديمقراطية والأنظمة الإشتراكية الديمقراطية والليبرالية والدينية والأنظمة المختلطة التي تجمع بين مسارين متجانسين ولا يشترط في أي نظام أن يكون نسخة من غيره أو كما يقول الكتاب بل يشترط فيه أن يكون حقيقيا سليما قابل للوجود والإستمرار، وهنا لا يمكن تعريف نظام ولاية الفقيه وفقا لهذه المفاهيم السياسية العالمية، أو وفقا لما يدعيه بأنه نظاما إسلاميا فصفة الفقيه لم تتوفر فيه لأنها تقوم على العلم والإيمان والعدل أساسا لذلك وبالتالي فإن صفة الولاية التي تستند إلى الفقه والإيمان والعدل منفية عن هذا النظام وغير متوفرة وعليه فهو ليس إسلاميا ولا وليا ولا فقيها وإنما هو جماعةً سلطويةً مدعية خارج المفاهيم والأُطر، ولو كان حقيقة كما يدعي لما كان هكذا حال شعبه وجيرانه ولكانت إيران في مقدمة دول كثيرة.

هل يمتلك نظام ولاية الفقيه ثورة ليصدرها؟

لقد ابتلت المنطقة العربية وإفريقيا بوباء ما يسمونه بـ تصدير الثورة ولا ندري أي ثورة وأي فكر يريد تصديره هذا النظام إذا كانت الثورة التي يدعي بها مسروقة ممن قاموا بها وضحوا من أجلها وكان فكرها الحرية والديمقراطية والإصلاح والتنمية وقد كفر هو بكل تلك القيم بعد أن استتب له الأمر بالجلوس على عرش السلطة والسلطان بالقهر والقمع والدم والخروج عن شرع الله، وإذا فكر نظام ولاية الفقيه قائما على الإسلام فقد إدعى وخرج، وإذا كان قائما على نهج آل البيت الأطهار فقد خرج  كذلك وإدعى، وللمحاججة فإن هذا التاريخ لا يزال حاضرا ولم يختفي أو يٌمحى، هذا بالإضافة إلى أن هذا النظام نفسه قد بات لا يؤمن بذاته وتتصاعد الإنفلاقات من داخله، وفي التاريخ شواهد كثيرة ترفض هذا النظام وهكذا أنظمةً وتُنكرها.

متناقضات 

من المُسلم به أن النظام الإيراني يستخدم الخطاب الديني كأداة لمخططاته ونهجه التوسعي لكن العجب العجاب أن يرافق الخطاب الديني حتى وإن لم يكن متزنا مسارين متوازيين آخرين هدامين وهما مسار السلاح والإرهاب في خط، ومسار المخدرات.

وعلى الرغم من النهج العدواني لهذا النظام مع الدول العربية إلا أنها لا تزل تتحلى بالصبر والثبات والحكمة وضبط النفس ولم تتعامل بالمثل وهو يدرك ما معنى التصعيد للتعامل بالمثل من قبل الدول العربية، لكنه في حين ينشد السلام والحوار وبدء صفحة جديدة مع الدول العربية مضطرا اليوم؛ عليه أن يُقبل على تصحيح ما أتلفه ويبادر ببوادر حسن النوايا التي سيرحب بها الجميع لكن البعض سيتعاملون مع الموقف بحذر استنادا لتجارب الماضي وانطلاقا من الفهم العميق لمنظومة السلطة غير المتجانسة في إيران.

وليعلموا أن لكل بداية نهاية؛ وها هي نهاية نظام ولي الفقيه تلوح في الأفق مع تصاعد الإنتفاضة الوطنية المباركة الجارية في إيران وسيكون غد إيران غدا زاهيا مزدهرا وستنعم المنطقة بالسلام والإستقرار، وهذا ما نرتأيه ونرحب به نحن العرب جارة مستقرة مزدهرة تحترم الجوار والقيم والأعراف الدولية.

د. عيد النعيمات / نائب برلماني أردني