موسى أفشار يكتب:

نظرة على آثار الانتفاضة الإيرانية وإنجازاتها

رغم كل التقلبات، مرت انتفاضة 2022 شهرها الرابع ودخلت الشهر الخامس. بإلقاء نظرة سريعة إلى الوراء، يمكننا أن نرى أن هذه الانتفاضة خلقت زلزالًا سياسيًا واجتماعيًا ودوليًا، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ هذا النظام الذي دام 43 عامًا.

ويمكن تصنيف آثار وإنجازات هذه الانتفاضة وتحليلها من 4 وجهات نظر: الشعب والمجتمع الإيراني، ونظام الملالي، والمشهد الدولي والمقاومة الطليعية.

الشعب والمجتمع الإيراني 
من وجهة نظر اجتماعية، كان التضامن والتعاطف والالتقاء الذي ظهر بين المواطنين في هذه الانتفاضة غير مسبوق، وشرائح مختلفة من المواطنين تدعم وتستمر في دعم شباب الانتفاضة على أرضية الشارع بكل طريقة ممكنة.

إن الوجود الواسع للنساء والفتيات الإيرانيات الشجاعات في صفوف المنتفضين، لا سيما في دور قيادات وقادة الاحتجاجات، أمر واضح ومثير للإعجاب. إن القضية التي تواجه الثقافة المعادية للنسوية والرجعية لولاية الفقيه جعلت الشعب الإيراني يشعر بالفخر وألهم العالم كله.

إن كلمات وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو في تجمع الإيرانيين الأحرار في واشنطن يوم 17 ديسمبر تخبرنا تمامًا عن المسألتين المذكورتين أعلاه: “الحركة التي نراها اليوم تختلف بوضوح عما رأيناه في الماضي. النساء والشباب الإيرانيون هم من يقودون الانتفاضات. إن شجاعتهم جديرة بالثناء … رأيت شعبًا موحدًا يظهر شجاعة وتعاونًا لا يصدقان للإطاحة بالنظام”.

ومن القضايا الأخرى التي برزت ورسخت في هذه الانتفاضة من وجهة نظر اجتماعية، الاستهداف الرأسي لنظام ولاية الفقيه أي خامنئي من قبل شعب إيران، ورفض أي نوع من الديكتاتورية والتبعية، وهذا يتكرر في الشعارات. “الموت لخامنئي” و “الموت للظالم سواء كان الشاه او المرشد (خامنئي)”. يمكن رؤية في كل تجمع ومظاهرة. لقد أظهر شعب إيران بهذين الشعارين أن هدفهما الأساسي هو دفن نظام خامنئي المناهض لإيران وهم لا يريدون مطلقًا ولا يقبلون العودة إلى نظام  الشاة الاستبدادي.

نظام الملالي 
تسببت هذه الانتفاضة الساحقة في صدمة وهزّة للنظام برمته لدرجة أن جميع أعضائه الصغار والكبار رأوا الإطاحة الحتمية ماديًا أمام أعينهم، وهذا سبب الكثير من الخوف والقلق على المستقبل بعد الإطاحة ونتيجة لذلك كان هناك إنهيار وتساقط في صفوفهم من الأعلى إلى الأسفل. هذه الحقيقة اعترف بها العديد من أئمة الجمعة وعناصر النظام، لكن تصريحات مستشار قائد قوات الحرس حميد أبازري، والتي أذاعها التلفزيون الرسمي أيضًا، تظهر الواقع الحالي بشكل أفضل. قال الحرسي أبازري: “رأيت شخصيًا الجنرالات الكبارالذين كانوا قادتي وشاركوا في وقت الحرب في جميع اللحظات، وأصيبوا بجروح، فقدوا معنوياتهم، وصمدوا أمام قيمهم، ووقفوا في وجه سيدهم، ووقفوا في وجه نظامهم. لقد رأينا الجنرالات الكبار أولئك الذين كانوا مسؤولين من الدرجة الأولى في هذا النظام، ورأينا أنهم فقدوا معنوياتهم”. (تلفزيون النظام –  وكالة أنباء ”أونلاين“- 31 ديسمبر)

المشهد الدولي 
أثر آخر للانتفاضة على الساحة الدولية وعلاقات الدول الأخرى مع النظام. رغم أن القادة الغربيين والحكومات لم يستجبوا بعد لمسؤوليتهم تجاه الشعب والانتفاضة الإيرانية بشكل صحيح، إلا أن استمرار الانتفاضة وخطورة جرائم النظام أدى إلى انتشار الكراهية العالمية والعزلة الدولية للنظام. في هذا الصدد ونتيجة لاستمرار الانتفاضة وأنشطة المقاومة الإيرانية المستمرة، تم توجيه ضربات مهمة للنظام وإنجازات كبيرة للشعب الإيراني، منها: طرد النظام من لجنة الأمم المتحدة للمرأة وتشكيل لجنة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة للتحقيق في جرائم النظام ضد المتظاهرين والمنتفضين، ضربة خطيرة لسياسة الاسترضاء للدول الغربية ومعاقبة قوات الحرس وتصنيفه من قبل  البرلمان الأوروبي.

مقاومة الطليعة 
لكن على جبهة المقاومة، نرى أن استراتيجيتهم ضد دكتاتورية ولاية الفقيه قد أثبتت خطوة بخطوة وعلى أرضية الشارع، ورأى الجميع أن الشعب الإيراني وشبابها ونسائها يريدون الإطاحة بكل هذا النظام وكل رموزه ومراكزه بشعار الموت لخامنئي. وهذه هي نفس الكلمة ونفس المسار الذي تكلم به مجاهدو خلق واتبعوه منذ أكثر من 40 عاما، وحتى الآن ما زالوا يدفعون الثمن كاملا و تضحية في الطريق لتحقيق ذلك.

كل الأدلة تدل على أن الوضع لن يعود إلى ما قبل سبتمبر 2022 والظروف تشير إلى أن زمن الملالي قد انتهى وسيختفي النظام الشرير بفساده ودماره إلى الأبد.