موسى أفشار يكتب لـ(اليوم الثامن):
الإعدام استراتيجية البقاء للنظام الإيراني
الإعدام، تحت أي ذريعة أو تبرير شرعي أو عقلي، هو عقوبة وحشية وغير إنسانية. في الواقع، الإعدام هو شكل من أشكال القتل الذي تمارسه الدولة بوحشية تحت ستار القانون ضد مواطنيها. الحكومات التي تعتمد على الإعدام لا مكان لها بين الأمم المتمدنة ولا في الإنسانية المعاصرة، وتحمل معها لعنة أبدية وكراهية إلى الأبد.
في اليونان وروما القديمة، كان الجلاد شخصًا منبوذًا. “في اليونان وروما القديمة، كان الناس يتجنبون الجلاد. كارنيفيكس، الجلاد الروماني، كان عبدًا مُكلفًا بهذه المهمة. لم يكن مسموحًا له بالسكن في المدينة أو دخول المعبد أو حتى الدفن في المقبرة. كان يرتدي ملابس مميزة ويعلق جرسًا على ملابسه ليحذر الناس من حضوره فيبتعدوا عنه” (كارل برونو ليدر، مجازات الإعدام: المنشاء، التاريخ، الضحايا). واليوم، كما في تلك الأزمنة، يكره الناس في إيران والعالم أولئك الذين يأمرون وينفذون الإعدامات، ويدعمون كل جهد لإسقاطهم من السلطة.
خطأ خميني
نظام الملالي هو أحد الأنظمة التي تتصدر العالم في تنفيذ الإعدامات. بالنسبة لخامنئي، الزعيم المتهالك للنظام، الإعدام ليس فقط أداة للقمع، بل هو الأساس الذي يقوم عليه نظامه. وحتى عندما تُنفذ الإعدامات تحت ذريعة مكافحة المخدرات أو الجرائم المدنية، فإن دوافعها السياسية واضحة. الهدف الرئيسي من هذه الإعدامات هو بث الخوف في المجتمع ومنع أي انتفاضة شعبية ضد النظام.
واعترف خميني، مؤسس نظام ولاية الفقيه، في إحدى المناسبات بأنه ارتكب خطأ أثناء حكمه. قال: «خطأي كان أنني لم أتصرف بثورية كافية».”لو كنا منذ البداية، عندما أسقطنا النظام الفاسد وهدمنا هذا الحاجز الكبير، قد تصرفنا بطريقة ثورية، لكنا قد كسرنا أقلام الصحافة الفاسدة وأغلقنا المجلات الفاسدة. ولو أننا أحضرنا رؤساء هذه المؤسسات إلى المحاكمة وأعدمناهم في الميادين، لما واجهنا هذه المشاكل” (صحيفة خميني، الجزء ۹، الصفحة ۲۸۲).
هذه الكلمات تذكرنا بفترة الرعب في الثورة الفرنسية، عندما تحول بعض الثوار مثل روبسبير، بعد استيلائهم على السلطة، إلى طغاة بلا رحمة، يرتكبون جرائم باسم الحرية والثورة.
الإعدام؛ استراتيجية بقاء النظام
بعد نفوق خميني، ثبت خامنئي نظامه على أساس مذبحة ۳۰ ألف سجين سياسي في عام ۱۳۶۷. وخلال أكثر من أربعة عقود من حكم هذين الزعيمين، أصبح الإعدام أداة قمع وحشية شملت كل فئات المجتمع الإيراني. إذا تصورنا إيران المكبلة كسجن كبير يشبه “آوشفيتز”، فلن نجد فئة من المجتمع لم تصل إليها أيدي النظام القمعي. لم يقتصر التعذيب والإعدام على المعارضين السياسيين، بل شمل الأقليات القومية والدينية، الطلاب، المثقفين، النساء وحتى الأطفال.
بذلك، يمكننا القول بثقة: «الإعدام هو استراتيجية النظام للبقاء في السلطة غير الشرعية. هذه العقوبة سياسية في جوهرها، تُنفذ تحت غطاء القصاص أو الأحكام الشرعية. لكن هذا السلاح القديم لم يعد قادرًا على قمع مجتمع يقظ وغاضب».
حملة “لا للإعدام”
حملة “ثلاثاءات لا للإعدام” داخل السجون الإيرانية، بالتوازي مع حركات المقاومة الإيرانية في الخارج، فتحت فصلًا جديدًا في النضال ضد الإفلات من العقاب على جرائم النظام. تهدف هذه الحملة إلى إيقاظ الضمير العالمي وتحفيز روح التمرد والاحتجاج في إيران.
وفي مؤتمر “لا للإعدام، دعوة إلى العدالة”، دعت السيدة مريم رجوي الحكومات العالمية إلى ربط علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع النظام الإيراني بوقف الإعدامات والتعذيب. كما دعت إلى محاكمة خامنئي وغيره من المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم الدولية وإصدار مذكرات توقيف بحقهم.
وفي حين يعتبر الإعدام أداة لبقاء خامنئي ونظامه، فإن حملة “لا للإعدام” هي جزء من استراتيجية المقاومة الإيرانية لإسقاط هذا النظام الدموي. في النهاية، ستنتصر الحرية والعدالة وحقوق الإنسان على الاستبداد والظلم وجرائم النظام. هذه هي إرادة التاريخ وإرادة الشعب الإيراني.