د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أسباب فشل الوحدة اليمنية مرحلة الإغتيالات – لكي لا ننسى (3-4)

عدن

تم إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م وفي الثلاثين من نوفمبر اتفق الجانبان اليمني والجنوبي على فترة انتقالية مدتها سنتان ونصف السنة على أن يتقاسم الطرفان  السلطة مناصفة بينهما ثم تقام انتخابات ومن يفوز بأغلب المقاعد في مجلس النواب يشكل الحكومة.

وقد سعى كل جانب منهما لتحقيق أهدافه الخاصة، ولم تمر بضعة أسابيع حتى قام رجال الدين اليمنيون بشن حملات التكفير ضد قيادات وأعضاء الحزب الاشتراكي ، وقد اتخذت تلك الحملات النفسية طابع العدوان والتحدي وبدأت الفتن تطل برأسها بين الجانبين وتنذر بما هو آت مستقبلا   مستغلة الخلافات السياسية – التاريخية   بين الجنوبيين والحزب الاشتراكي بما في ذلك أحداث 13 يناير عام 1986م  ووظفتها ضدهم جميعا  بأثر رجعي عندما  أقصى الحزب كافة المكونات السياسية الجنوبية الأخرى  وانفرد بالحكم منذ فجر الاستقلال عام 1967م واتخذ من تجربة الحكم في  البلدان الشيوعية مثالا يحتذى وطبقه بقوة السلاح على شعب الجنوب العربي المسلم والمحافظ   !!

ومن ناحية أخرى   لم تقتصر الحملات  الشمالية على الإشاعات بل تجاوزتها إلى ممارسة أعمال الاغتيالات الممنهجة ضد كوادر الحزب الاشتراكي الذي فقد أكثر من 150 من قياداته تمهيدا لإخضاعه لنظام صنعاء!!
ونجحت القوى المتنفذة في صنعاء من كسب الانتخابات وتحالفت مع الإسلاميين  بقيادة الإصلاح.

وشكلت أغلبية برلمانية مما مكنها من تشكيل حكومة ائتلافية بتحالف المؤتمر والإصلاح مستندة إلى البنية العسكرية والأمنية القوية إلي بناها صالح على أساس  عشائري ،بما يخدم قبيلته وحزبه وعائلته وليس جيشا وطنيا!!

وعندما شعر الجنوبيون بأنهم وقعوا في الفخ الذي نصب لهم بدأوا يفكرون في التراجع عن الوحدة ، وأبدى الزعيم القبلي ورئيس كتلة الإصلاح ورئيس مجلس النواب الجديد عبدالله بن حسين الأحمر عدوانيته عندما جاهر بالقول: "كان الناس في خير وأمان إلى أن بزغ قرن الشيطان من عدن"!!

وفي ظل الشحن المستمر والعداء الذي أبداه اليمنيون اعتكف علي سالم البيض في عدن احتجاجاً على تلك الممارسات العدوانية ،!!!

وحاولت الجامعة العربية التدخل إلا أنها فشلت، ثم شاركت الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومن أبرزهم السيد عبدالرحمن الجفري في صياغة "وثيقة العهد والاتفاق"  كحل لنزع فتيل الحرب ،وفي 20 فبراير عام 1994م

وبرعاية الملك حسين بن طلال ملك الأردن حضر علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح وممثلون عن كافة الأحزاب السياسية إلى عمان وتم توقيع وثيقة العهد والاتفاق !!

إلا أن تحالف الإصلاح والمؤتمر بشقيه  الديني والقبلي اسقطا الوثيقة قبل ان يجف الحبر الذي وقعت به، حيث توجه البيض متوجساً ومرتاباً من غدر صالح  إلى الرياض مباشرة فيما عاد صالح إلى صنعاء والقى خطاباً نارياً في ميدان السبعين في 27 ابريل عام 1994م .

وفي ذلك الخطاب أعلن صالح  الحرب على الجنوب..!!
وعلى الفور اندلعت الاشتباكات بين اللواء الثالث المدرع الجنوبي المتمركز في عمران والفرقة الأولى مدرع الشمالية بقيادة العقيد علي محسن الأحمر واستمرت حتى 30 ابريل عام 1994م !!
تم خلالها تدمير 150 دبابة و 22 عربه مدرعة وأكثر من 200 قتيل وحوالي 300 جريح وتضرر أكثر من 159 منزلا في عمران!!

كما جرت اشتباكات عنيفة على لواء باصهيب الجنوبي في ذمار ومعسكر لواء العمالقة الشمالي المتمركز في أبين!!

وأعلن على سالم البيض الانفصال في 21 مايو عام 1994م.
واشتعلت الحرب بين اليمن والجنوب واستمرت 70 يوما انتهت بسقوط عدن في 7 يوليو عام 1994م في ايدي القوات اليمنية  بمساعدة قوات الزمرة المنشقة عن الحزب الاشتراكي منذ عام 1986م والتابعة لعلي ناصر محمد!!

ورفعت الحكومة اليمنية أسماء 16 شخصية من زعماء الجنوب الذين دعموا الانفصال على رأسهم علي سالم البيض ونائبه السيد عبدالرحمن الجفري وحكمت عليهم بالإعدام!!

ولم تسقط تلك الأحكام إلا في 21 مايو عام 2003م..!!

والى اللقاء في الحلقة الرابعة والأخيرة 

علوي عمر بن فريد