د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الشعب الإيراني وشعوب المنطقة بين مطرقة نظام الملالي وسندان الغرب والمجتمع الدولي
الغرب ونعني به الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.. أما المجتمع الدولي فيعني المنظومة الدولية التي تحكم العالم وتكيل بمليار مكيال ومكيال لو أمكنها ذلك وتتضمن تلك المنظومة الدور الشكلي لكافة دول العالم والوجود الروسي والصيني الذي لا يزال غير قادر على خلق توازنات في هذا العالم ذلك لأن سياسة ومستوى كلتا البلدين لم يصل بعد إلى مستوى القدرة على رسم شكل ما يجب أن يكون في هذا العالم القبيح، وعندما نقول النظام العالمي نعني بذلك القوة المهيمنة على صنع القرار وتسيير هذا المجتمع الدولي كما يحلو لها وكما يتطلب الموقف خاصة إذا تعلق الأمر بدولة عربية أو دولة شرق أوسطية.
لقد كان لقيام ما تسمى بـ عصمة الأمم واليوم الأمم المتحدة بمؤسساتها الحالية وقوانيها التي هي (رؤيتها المُلزِمة أحياناً وغير المُلزِمة أحياناً كثيرة) دوافع شديدة منها ردع وقمع وتأديب القوى التي خرجت عن الطريق وللطريق أهله ومُحددٌ من يخرج عنه ومن لا يخرج.. وعلى هذا النحو تم تأديب القوى الخارجة عن الطريق تأديباً تشيب له الولدان كما هو حالة الأدب لدى الإدارتين الألمانية واليابانية علما بأن ألمانيا في بادئ الأمر كانت دولة تعرضت إلى عدوان وتعلم أنه ما لم تتغدى بهم سيتعشون بها وها هما (ألمانيا واليابان) مغنيين يغردن خلف الجوقة حسب النص والمرسوم.. أما الصين التي كانت من ضحايا التمدد الياباني وروسيا التي كانت أعانت الغرب على الإفطار بألمانيا فهما عضوين دائمين شكليين في مجلس الأمن الدولي لكنهما غير فعالين ولم يكن يعول عليهم كثيراً في الكثير من القضايا وقد أدركتا سلبية مواقفهما مؤخرا ويسعيان اليوم لفرض صورة جديدة للمجتمع الدولي تتغير فيه من خلال تلك الصورة أشكال وأنماط العلاقات الدولية بعد إزالة منظومة القطب الواحد الذي بات الواحد الأوحد بعد زوال الاتحاد السوفياتي وتبعية الاتحاد الأوروبي، وما تسعى إليه الصين وروسيا وحلفهما اليوم يُعد شططاً وكفراً من وجهة النظر الأمريكية والأوروبية خاصة بعد فشل أمريكا في الشرق الأوسط وقيام الصين بتعبئة الفراغات فيه وفي أفريقيا الأمر الذي دفع بأمريكا والاتحاد الأوروبي إلى توسعة رقعة المواجهة مع الصين وروسيا من شرق أوروبا إلى تايوان وبحر الصين وأوكرانيا والشرق الأوسط واستخدام نظام الملالي وكاهنه الأكبر كصانع ألعاب يوفر الأسباب والذرائع كي يعود الفريق الأمريكي الأوروبي إلى الشرق الأوسط مهيمناً ويقضي على مشروع طريق الحرير بمشروع جديد تكون في الهند والكيان الصهيوني طرفاً وتكون فيه غزة ضحية وذكريات كانت هنا ولم يعد لها وجود.
المأساة القديمة المتجددة
وقوع الشعب الإيراني والعرب بين مطرقة الدكتاتورية والطغيان في إيران وسندان القوى الاستعمارية التقليدية والمعاصرة ليس بالأمر الجديد فقد كان الروس والبريطانيين كقوى استعمارية كبرى آنذاك أول من أسس دكتاتورية الشاه الأب (نادر شاه) في حينه في إيران ومزقوا له الدنيا ومهدوا له ليكون طاغية وشرطياً شقياً.. بلطجياً.. أزعر سمها ما شئت لكن المهم للمؤسسين أن يقوم هذا الشرطي الشقي بترويض وتركيع شعبه وعموم المنطقة كما هو مرسومٌ له، ولما غضبوا على ذلك الشرطي نادر شاه الضابط القروي الصغير الذي أصبح بقدرة الاستعمار شاهنشاه إيران المعاصرة سحلوه من على الكرسي المسلوب وأجلسوا ابنه مكانه ليُكمل المسيرة القبيحة وقَبِل الإبن بذلك، فلما سحل الشعب الإبن وأراد استعادة كرسيه سارع الغرب بوضع بديلٍ بنهج الحيلة والخداع متنكراً برداء الدين كوسيلة لبلوغ الغاية ويعود الشعب الإيراني والعرب من جديد تحت نفس المطرق ونفس السندان، وأما اليوم فتعود الضحايا إلى مواقعها كما كانت وكبش الفداء على مذبح البخور هي تلك الشعوب وغزة المنحورة من الوريد إلى الوريد مقابل أن يهيمن الغرب من جديد على المنطقة ويبقى نظام الملالي الأفاعي في الحكم.. ولا مخرج سوى حرق الأرض تحت أقدام الملالي في إيران والمنطقة.
للحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.
د. محمد الموسوي / كاتب عراقي