علي قاسم يكتب:

القليل من القهوة لتحفيز القلب وإنعاش الجسم

احتاج العالم إلى 1200 عام ليكتشف أن مشروب القهوة يمكن أن ينقذ حياة الأشخاص الذين يتوفون نتيجة لأمراض القلب والأوردة، وهي تشكل نسبة 32 في المئة من عدد الوفيات سنويًا. هذا إذا صدقت دراسة علمية أجراها فريق مشترك من جامعة لوند السويدية وجامعتي سوتشو وساذرن الصينيتين، وشملت متابعة العادات الغذائية لأكثر من 360 ألف شخص تتراوح أعمارهم ما بين 37 و73 عامًا.

في وقت ما قبل 12 قرنًا، اكتشف راعي ماعز إثيوبي يُدعى كالدي القهوة عندما لاحظ أن الماعز أصبح أكثر نشاطا بعد تناول ثمار حمراء من شجرة معينة. حمل كالدي اكتشافه إلى رهبان في دير محلي، الذين استخدموا الثمار لتحضير مشروب ساعدهم على البقاء مستيقظين خلال صلواتهم الطويلة.

قصة الراعي الإثيوبي ليست القصة الوحيدة، هناك قصص أخرى تثبت فائدة القهوة منها قصة تعود للقرن الخامس عشر في اليمن، حيث استخدمها المتصوفة لمساعدتهم على البقاء مستيقظين خلال صلواتهم الليلية.

بدلًا من البناء على هذه القصص لتحسين صحة الإنسان، شنت جهات عديدة حربًا ضد القهوة في القرن السادس عشر. وكانت القهوة مشروبًا مثيرًا للجدل في بعض البلدان الإسلامية، وتم تحريمها بسبب تأثيرها المنبه، واعتقد البعض أنها قد تؤدي إلى تجمعات غير مرغوب فيها يتم خلالها تبادل الأفكار الثورية. وقد يكون سبب التحريم أن كلمة “قهوة” العربية – دخلت اللغة الإنجليزية عام 1582- تشير في الأصل إلى نوع من أنواع النبيذ.

نعود إلى الخبر الذي يقول بالبنط العريض إن ثلاثة فناجين من القهوة يوميًا تقي من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومشكلات صحية أخرى مثل السكري والسكتات الدماغية التي تتزايد مخاطر الإصابة بها على نحو يثير مخاوف كبيرة على الصحة العامة.

والغريب أن المادة السحرية في القهوة التي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وهي الكافيين، طالما كانت عرضة لحملات من الاتهامات، إلى درجة أن شركات تصنيع القهوة قدمت أنواعًا من القهوة منزوعة الكافيين.

الدراسة الجديدة تنصح بتناول 200 إلى 300 ملّيغرام من الكافيين يوميًا للتقليل من مخاطر الإصابة بهذه الأمراض بأكبر قدر ممكن. هذا هو الجانب الإيجابي، خاصة لمن كان في عمري. أما عن الجانب السلبي، فإن أسعار القهوة شهدت ارتفاعًا كبيرًا على المستوى العالمي، بلغ 9 في المئة تقريبًا خلال شهر واحد هو يونيو.

وفي تونس، حيث أقيم، ارتفع سعر القهوة خلال العام الماضي بنسبة 35 في المئة.

بالتأكيد، انتشار الخبر سيشجع على المزيد من استهلاك القهوة، ويؤدي إلى ارتفاع في أسعارها مجددًا. هذا يجب ألا يبعدنا عن شرب القهوة، هناك دائمًا أصناف من القهوة سعرها في متناول الجميع، يمكن أن نبدأ يومنا بفنجان لا يتجاوز ثمنه نصف دولار، أو نذهب لأنواع فاخرة مثل “كوبي لواك” وهو من أغلى أنواع القهوة في العالم، يُصنع من حبوب تم هضمها وإخراجها من قبل حيوان الزباد. يُقال إن نكهتها مميزة وفريدة، ويتراوح سعر الفنجان الواحد منها بين 35 و100 دولار.

أخيرًا، أعاد العلم للقهوة اعتبارها وأثبت أن القليل منها ينعش قلب الإنسان.. ولكن ليس دون ثمن.