حسن عبد الوارث يكتب:
أعداء الصحافة
صادف يوم أمس الأول (2 نوفمبر)، اليوم الدولي لانهاء الافلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين.
والحق أن عدداً من المجتمعات شهد -ولا يزال- حالات قهر وقمع وتنكيل وتضييق ومصادرة لمهنة الصحافة ولماهنيها.
وقد تنوعت هذه الحالات بين مادية ومعنوية، أو جسدية وفكرية.. وتعددت مصادرها بين رسمية ومجتمعية، أو شخصية وفئوية.
وفي وضع السلم، مثلما وضع الحرب، تتوافر مثل هذه الحالات وتتجسد في صور ودلالات شتى.
فهي ماثلة في نصوص تشريعية على هيئة محظورات تحدّ من حرية الرأي أو تُقوّض حركة مزاولة المهنة أو الحرمان من أداء الواجب المهني أو النشر، أو على هيئة عقوبات وممارسات عنيفة كالاعتقال والحبس والجلد وحتى القتل.
وهي ماثلة كذلك في النظرة -الشخصية أو المؤسسية- لهذه المهنة وأهلها، والتي غالباً ما تتصف بالاحتقار أو الانتقاص أو التهميش. وهي حالة مرتبطة بثقافة -فردية أو جمعية- أو بعلاقة شائهة بين المهنة والآخر.
وتأتي حالات الضرر بالمهنة ومنتسبيها من خارج الاطار المهني في غالب الأحيان. بيد أنه أحياناً يكون الضرر بها وبهم من الداخل المهني!
وفي هذا المشهد يذهب الكلام مذاهب شتى، غير أن أية مهنة لم تتطهر من الدخلاء عليها، ومن منظومة الأخلاق والممارسات الدخيلة عليها أيضاً، ستظل عرضة للضرب تحت الحزام وبأيدٍ ونيران صديقة!
وفي المجتمعات التي تشهد مثل هذه الحالات، تتأسس حركات أو تيارات حقوقية، تعمد الى اعداد قوائم سوداء بأسماء وصفات الشخصيات والمؤسسات والجهات التي يُطلق عليها توصيف "أعداء الصحافة".
وقد تطول هذه القوائم أو تقصُر، غير أنها تظل سوداء، وتظل مفتوحة، قابلة للاضافة أو الحذف أو التعديل. وهي تضم أشخاصاً طبيعيين واعتباريين متعددي المسميات والصفات المهنية والسياسية والجهوية والفكرية، غير أنها ستظل قاصرة جداً انْ لم تضم عدداً من المنتسبين إلى المهنة نفسها، أشخاصاً ومواقع.. فالعدو الداخلي أخطر ألف مرة من العدو الخارجي.
وفي كل حال، لا ينبغي السكوت عن حالات المساس بالصحافة والصحافيين، فهي جريمة ضد المجتمع قبل أن تكون ضد فرد أو مجموعة أفراد أو مهنة.