فاروق يوسف يكتب:
طهران والملفات الاربعة
لم يعد خافيا على أحد بأن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يواجه أوضاعا غير عادية ويمر بواحدة من أكثر المراحل حساسية وخطورة منذ تأسيسه ولاسيما وإن دوره وعلى مختلف الاصعدة لم يعد فعالا ومٶثرا كما كان خلال الاعوام السابقة، وهو أمر يمكن ملاحظته ويتم التطرق إليه بصورة ملفتة للنظر من جانب المراقبين السياسيين. وهذه الاوضاع ليست بسبب من العقوبات الاميركية بدفعتيها، بل إن هناك أمورا أخرى لا يمكن تجاهلها والتغاضي عنها من حيث تأثيرها على هذا النظام.
ملف العقوبات الاميركية ومع كونها قد وجهت ضربة إستثنائية للنظام، ولكن هناك ثلاثة ملفات أخرى لا يمكن إغفال دورها وتأثيرها في دفع الاوضاع في إيران نحو المرحلة الحالية، وهذه الملفات هي البرنامج النووي والتدخلات في المنطقة والاحتجاجات الشعبية المتواصلة وكل واحدة من هذه الملفات كان لها دورها وتأثيرها الخاص على النظام من نواح مختلفة.
البرنامج النووي الذي صرف النظام الايراني مبالغ طائلة والذي وصل الى طريق مسدود بعد أن تم الكشف عن جوانب سرية منه من قبل المعارضة الايرانية وصار سببا لفرض الحصار والعقوبات على إيران وكان الهدف منه دعم تدخلاته في المنطقة وإسنادها بالاسلحة الذرية، تركت آثارا بالغة السلبية على الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب الايراني الذي كان يواجه في نفس الوقت ممارسات قمعية وهو ما جعله يضيق ذرعا بهذه الاوضاع ويتحرك ضد النظام.
الاحتجاجات الشعبية التي أخذت سياقا غير عادي منذ عام 2017 وإتخذت طابعا منظما ذا صبغة سياسية واضحة بعد 28 ديسمبر/كانون الاول 2017، وصلت من حيث التأثير على النظام الى حد إن القادة والمسٶولين الايرانيين أكدوا وبصورة ملفتة للنظر عن إحتمال سقوط النظام في حال إندلاع الانتفاضة وهو هاجس لا يزالون لحد الان يتحدثون عنه. أما التدخلات في بلدان المنطقة، فيكفي القول بأنها ومنذ عام 2011، قد كلفت طهران قرابة 150 مليار دولار، وهذه التدخلات قد إصطدمت برفض شعبي من جانب شعوب ودول المنطقة مثلما إنها أثارت غيض وحنق الشعب الايراني الى حد ترديده لشعارات تندد بصراحة بالغة بهذه التدخلات وتطالب بإنهائها الى جانب إن هذه التدخلات قد أدت بالاضافة للخسائر المادية الجسيمة والفادحة الى خسائر روحية لم يكن بوسع السلطات الايرانية إخفائها.
من هنا فإن العقوبات الاميركية لم تكن لوحدها المٶثرة على النظام الايراني فقط بل إنها وجدت أرضية مناسبة ومهيأة لها بفضل الملفات الثلاثة التي تحدثنا عنها، ولا ريب من إن التداخل بين هذه الملفات ستقود إيران شاءت أم أبت نحو عهد جديد.