فاروق يوسف يكتب:

إيران النووية تهدد الوضع البشري

على المجتمع الدولي أن يتحد لمنع امتلاك إيران لسلاح نووي. لا كراهية بإيران ولكن منعا لاتساع المشكلة الخطيرة وتفاقمها التي صارت إيران تمثلها في مواجهة العالم.

أما لماذا منع إيران بالذات فلأنها دولة يقودها نظام غير راشد، مدفوع بنزعة شريرة في علاقته بالعالم الخارجي. وهو ما يعني أن السلاح النووي سيكون بأيدي مجانين لن يمتنعوا عن استعماله في أي لحظة ضيق.

أولئك المجانين الذين لا يعترفون بالقوانين الدولية لديهم مشكلات مع المجتمع الدولي لا حصر لها. وهي مشكلات لا صلة لها بالانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وما ترتب عليه من إعادة فرض عقوبات اقتصادية، سيكون من شأنها أن تحد من قدرة النظام الإيراني على تمويل الجماعات الإرهابية التابعة له في العراق وسوريا واليمن ولبنان.

مشكلات النظام الإيراني تعود في الأساس إلى اللحظة التي ظهر فيها الخميني باعتباره مخلّصا، كونه نائب الإمام الغائب. وضع الخميني يومها إيران في المقام الأعلى الذي يجب على العالم أن يرنو إليه بعينيه.

كان على العالم من وجهة نظر الخميني أن يتبع نصائحه في التحول من أجل أن تكون حياته ممرا صالحا للذهاب إلى الآخرة. وهي فكرة لم يتعامل معها العالم إيجابيا بسبب إيمانه بالعلم ونبذه الخرافة. وكما أرى فإن العالم قد أخطأ حين ترك مجانين إيران مطلقي السراح.

كان هناك نوع من النفاق السياسي هو السبب في أن تتكرس الظاهرة الخمينية كما لو أنها لم تكن نوعا من الإرهاب. بالرغم من أن فتوى الخميني بقتل الكاتب البريطاني سلمان رشدي بسبب روايته “آيات شيطانية” كانت واضحة في تأكيدها على أن الرجل كان يقود جيوشا من القتلة الإرهابيين.

سكت الغرب عن إيران التي تعادي العالم كله، وهو يعرف أن تلك الدولة لا يمكن أن تقيم علاقة طبيعية معه. فهي دولة حرب. لدى إيران بسبب تمكن الخرافة منها من الأسباب ما لا يمكن إحصاؤها في مجال تكفير الآخرين وإعلان الحرب عليهم باعتبارهم نفايات يجب التخلص منها.

تعتبر إيران العالم الخارجي عدوا. لذلك فإن امتلاكها لأي نوع من أسلحة الدمار الشامل هو بمثابة إشارة البدء في إعلان الحرب على العالم من خلال التهديد باستعمال تلك الأسلحة. تلك حرب ستدفع ثمنها منطقة الشرق الأوسط أولا.

فإيران التي تخطط لامتلاك السلاح النووي لا تفكر فيه وسيلة ردع دفاعية بل تسعى من خلاله إلى حماية مشروعها العدواني التوسعي في المنطقة. وهو ما يعني أن المجتمع الدولي حين يغض الطرف عن مسعى إيران النووي فكأنه يضع رأسه بين فكيْ وحش مجنون.

إيران هي ذلك الوحش الذي لا يرى أن من حق الكائنات التي تحيط به أن تعيش إلا إذا كانت تحت طاعته. وهو ما يتناقض مع القيم الإنسانية التي أرسيت في عصرنا الحديث، وبالأخص بعد تطور البعد السياسي لمفهوم الدولة الحديثة.

لذلك فإن العالم كله مطالب بأن يتوحد من أجل منع إيران في المضي في طريقها الخطير الذي ينطوي على هلاكها وهلاك الشرق الأوسط. تلك مهمة ينبغي أن لا تترك للولايات المتحدة وحدها ليبدو الأمر كما لو أنه نزاع بين دولتين. وهو ما يحلو لإيران أن تصف الحال التي هي فيها.

ليست الولايات المتحدة وحدها في الإطار العالمي. وليست المملكة العربية السعودية وحدها في الإطار الإقليمي. ينبغي أن تخرج المسألة الإيرانية من دائرة التفاوض بين طرفين أحدهما إيران.

وإذا كان الإيرانيون في هذه المرحلة يرفضون إجراء مفاوضات فلأن موقف المجتمع الدولي لا يزال لينا ومتراخيا. وما تأمل به الولايات المتحدة من أن العقوبات ستدفع الإيرانيين إلى مراجعة سياساتهم لا يمكن أن يتحقق من غير أن تتوحد دول العالم الرافضة للسلوك الإيراني