ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
نحن وتركيا
نكتب عن حالنا وبمرارة,لقد تحررنا من الاستعماري التركي منذ عقود,لا يهم ان كنا قد قدمنا ضحايا في سبيل ذلك,او تحصلنا على استقلالنا على طبق من ذهب بفعل الانجليز وغيرهم,نحن اكثر منهم عددا وخيراتنا لا تحصى ولا تعد ولا وجه للمقارنة بيننا,هم خسروا الحرب العالمية الثانية وحوصروا في مياههم ويابستهم,لكنهم استطاعوا بناء دولتهم الوطنية,ولجوا مجال الصناعة بمختلف فروعها المدنية والعسكرية,اكتفوا ذاتيا من المنتجات الزراعية والصناعية ويقومون بتصدير منتجاتهم الى الخارج ومنها بلداننا.
انتعش اقتصادهم كثيرا,وأصبحوا في مصاف الدول المتقدمة,بينما نحن نتقاتل فيما بيننا,نجيد فن الخطابة والمناكفات السياسية,تفتقر شعوبنا الى ابسط سبل العيش,لا بنى تحتية,نهدر اموالنا فيما لا يعني,اصبحنا عالة على المجتمع الدولي الذي يتكفل بتوفير كافة احتياجاتنا بما فيها السلع الرئيسية الضرورية للحياة,نذهب الى تركيا شتاء وصيفا لقضاء امتع الاوقات,ونرجع الى بلداننا محملين بما نحتاجه من ملابس ومؤن,والمصنوعات التقليدية,لنساهم عن سبق اصرار وترصد في خفض مستوى البطالة لديهم وتحريك عجلة الانتاج.
من المحيط الى الخليج نردد بان الاتراك يريدون احياء دولتهم العثمانية,وندرك جيدا بان ذلك سيكون على حسابنا,بمعنى انهم يستطيعون اجتياحنا في زمن قياسي,لتصب خيراتنا في خزينتهم العامة,ونستمر في حياة البداوة التي ارتضيناها لأنفسنا ومن يحاول منا الاعتراض على ذلك, عليه ان يتذكر ما حل بأجدادنا من جور وظلم بني عثمان وصلفهم.
نحن من ساهمنا ولا نزال في ازدراء الاخرين لنا ومعاملتنا بكل قسوة ودناءة,دوّلنا مشاكلنا فلم يعد حلها ملكنا,دول الجوار تستبيح ديارنا وتقوم بالتنكيل بنا والعالم الغربي يتفرج ويتشمت, الاتراك اقتطعوا سابقا لواء الاسكندرونه من سوريا,والآن يقومون بإقامة شريط حدودي شرق الفرات وبعمق 30 كيلومتر او اكثر داخل الاراضي السورية ضمن عملية اسموها "نبع السلام", بحجة منع تسرب الارهابيين ونعلم جميعا ان الارهابيين المتواجدين بسوريا اتوا عن طريق تركيا,بل باركنا يومها مجيئهم,ودفعنا الاموال الطائلة لجلبهم واغدقنا على السيد اردوغان المنح والهدايا لمساهمته في ذلك.
المضحك المبكي في الامر ان من ساهموا في الحرب على سوريا,نراهم اليوم ينددون بالتدخل التركي,ترى هل كانوا بالأمس القريب مغشيا عليهم ,ام انهم كانوا قصّرا ام فاقدي اهلية يتولى اردوغان ولايتهم؟ عندما استجاب اردوغان لطلب ترامب بوقف الهجوم على شرق الفرات,قالوا عن اردوغان بأنه عبد ينفذ اوامر سيده ترامب,ونعلم جيدا ان انسحاب القوات الامريكية من المنطقة المستهدفة ماهو إلا ضوء اخضر للأتراك بان يفعلوا ما يشاءون,وان الاكراد الذين كانوا يعولون على الامريكان قد استندوا على جدار هش يسقط في اي لحظة,وفقا للمصالح الاقتصادية التي يؤمن بها سيد البيت الابيض,وان التجاء الاكراد (قسد)الى الدولة السورية للحيلولة دون تدخل الاتراك,ما هي إلا لعبة قذرة,تعيها جيدا الحكومة السورية,وان محاولة الانسلاخ عن الدولة الوطنية والمساهمة في تفتيها هي عمل مستهجن وجبان,وان الحكم الذاتي او بناء الدولة القومية لا يتم اثناء الحروب بل يحدث وقت السلم والرخاء.
يبقى القول لمن ينعقون (حكامنا)كالغربان لإلهاء شعوبهم بما تسببوا فيه من نكبات اضرت كثيرا بالأمة العربية,بان الاتراك ومنهم اردوغان قد بنوا دولتهم وفق اسس سليمة,بينما انتم ايها الحكام المعتوهون نعتبركم وينظر اليكم العالم اجمع,حريم السلطان.