محمد مرشد عقابي يكتب:
أمريكا...وقانون معاداة السامية
الولايات المتحدة الإميركية تعتبر واحدة من الدول الرئيسة التي يتجمع فيها الملأيين من اليهود خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة ووفقاً للإحصاءات الميدانية يقدر إجمالي عدد السكان اليهود في أمريكا بـ 7.5 ملأيين شخص، ونظراً لعدم دقة تلك الإحصاءات يمكن أن يتراوح عدد اليهود بين 7.1 ملأيين و 7.5 ملأيين منتشرين في عدد من المدن الإميركية وإذا كانت هذه الإحصاءات صحيحة فسيكون عدد اليهود الأمريكيين أعلى من عدد الإسرائيليين الذين يعيشون في إسرائيل، حيث يبلغ عدد سكان إسرائيل حوالي 8 ملأيين نسمة ويبلغ عدد اليهود منهم حوالي 6.65 ملأيين شخص وعلى الرغم من أن اليهود لا يشكلون سوى %1 إلى %2 من المجتمع الأميركي إلا أن لهم تأثيراً كبيراً على مؤسسات صنع القرار والثروة في أميركا، ولهذا فلقد كان لحكومات أميركا السابقة وجهة نظر داعمة لهذه الأقلية وخاصة لفكرها الصهيوني.
وكشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن هذه النظرة الداعمة للفكر الصهيوني نمت بشكل متزايد في عهد إدارة الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب لدرجة أنه وقع مؤخراً مرسوماً جديداً لمكافحة معاداة السامية في البلاد ووفقاً لهذا القرار الصادر فقد تم اعتبار اليهودية أمة وليست طائفة، والأمة لها الحق في أن تكون لها حكومة وإنكار هذا الحق يعتبر معاداة للسامية،.وفي غضون ذلك كشفت بعض التقارير الإخبارية بأن الرئيس ترامب يعتزم مطالبة وزارة التعليم الأميركية بالنظر في تعريف قصة (الهولوكوست) المعادية للسامية عند تقييم الشكاوى المقدمة بموجب المادة 6 من قانون الحقوق المدنية بشأن مسألة التمييز العنصري في البلاد وقال ترامب خلال حفل أقيم في البيت الأبيض بمناسبة عيد الأنوار اليهودى : هذه هي رسالتنا إلى الجامعات إذا كنتم ترغبون في الإستفادة من المبالغ الضخمة التي تتلقونها كل عام من الحكومة الفيدرالية عليكم أن ترفضوا معاداة السامية.
بدوره لفت البيت الأبيض في بيان له إلى زيادة مقلقة في حوادث معاداة السامية في أميركا لاسيما في المدارس والجامعات وتشمل هذه الحوادث بحسب البيان أعمال عنف مروعة ضد اليهود الأميركيين والمعابد اليهودية في أميركا، وقال جاريد كوشنر في مقال صحفي كتبه في احدى الصحف الإميركية إنه بهذا المرسوم يدافع دونالد ترامب عن الطلاب اليهود ويشير بوضوح إلى أنه لن يتم التسامح مع معاداة السامية، لكن دعاة حرية التعبير يخشون أن يتم استخدام تعريف فضفاض وغامض لمعاداة السامية من أجل حظر أي انتقاد لسياسة الحكومة الإسرائيلية، ويقول جيريمي بن عامي رئيس المنظمة اليهودية التقدمية جاي ستريت إن المرسوم لا يهدف على ما يبدو إلى محاربة معاداة السامية بقدر ما يهدف إلى تقييد حرية التعبير ولمنع انتقاد إسرائيل في الجامعات.
يعد اللوبي الصهيوني في أميركا واحداً من أقوى لوبيات الضغط لجماعة تشكل أقلية في بلد آخر لدرجة أن الكثير من الناس يشيرون إليها كحكومة موجودة داخل حكومة الولأيات المتحدة وذلك لأنها تسيطر على المراكز المالية والإعلامية في عمليات انتخاب رئيس الجمهورية وغيره من المسؤولين السياسيين الأميركيين، وحتى أن تلك الاقلية تقوم بتحديد أطر السياسة الخارجية للحكومات الأميركية وتلعب دوراً رئيساً في هذا المجال، وفي ظل هذه الظروف يدرك الرئيس ترامب الذي عمل لعقود في المؤسسات المالية والإعلامية الرئيسية في أمريكا قبل مجيئه إلى سدة الحكم في البيت الأبيض دور الصهيونية وتأثيرها في البلاد، لذا فقد عمل بجد خلال فترة رئاسته للدفاع عن مصالح الصهيونية الدولية في البيت الأبيض عن طريق نقل السفارة من مدينة تل أبيب إلى مدينة القدس الشريف، وكذلك قام بالإعتراف بالإحتلال الصهيوني لمرتفعات الجولان السورية وبنائه للكثير من المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والتخلي عن فكرة تشكيل دولة فلسطينية مستقلة، لكن بينما يحاول الرئيس ترامب إظهار وده لشريكه الصهيوني خلال هذه الفترة التي تسبق الإنتخابات الرئاسية القادمة اتهمته بعض الجماعات اليهودية في أمريكا مؤخراً بأنه القى خطاب في اجتماع المجلس الإسرائيلي الاميركي أدلى فيه بتصريحات معادية للسامية، حيث كشفت العديد من المصادر الإخبارية إن القصة بدأت عندما القى الرئيس دونالد ترامب خطاباً في اجتماع المجلس الإسرائيلي الأمريكي يوم الأحد الماضي في مدينة فلوريدا حيث قام بمخاطبة الأميركيين اليهود الذين يدعمون الكيان الصهيوني وقال : ينبغي عليهم التصويت لصالحه حتى لا يفقدون ثرواتهم، وقال بلهجته الإبتزازيه المليئة بالدعابة والسخرية (الكثير منكم تجار عقارات، وأنت قاتل وحشي لأنني أعرفك جيداً، أنت لست جيداً على الإطلاق، لكن عليك التصويت لصالحي ليس لديك خيار آخر) كما هدد ترامب المطالبين بدفع الضرائب من الطرف الآخر وقال لهم 100% سوف يحصلون على جميع ثروتكم، وأضاف : إذا تم انتخابهم فسوف يعلنون إفلاسك في غضون 15 دقيقة، وفي الوقت الذي اخذ فيه بعض اليهود تلك التصريحات كإهانة لهم يسعى الرئيس ترامب من ناحية أخرى إلى إظهار نفسه الأقرب إلى مصالح اللوبي الصهيوني من أي مرشح آخر في ذلك السباق الرئاسي ولهذا فلقد أعلن مؤخرا عن قانون معاداة السامية الجديد في أمريكا ومن ناحية أخرى صرح في خطاب متلفز بالقول : علينا أن نجعل شعب بلدنا يحب إسرائيل أكثر.
يعتقد النقاد أن قانون معاداة السامية الجديد يعد انتهاكاً واضحاً لحرية التعبير، خاصة في السنوات الأخيرة مع ظهور وسائل التواصل الإجتماعي واستبعاد الأخبار والمعلومات التي تصدر من قبل الإعلام الذي يهيمن عليه الصهاينة، وفي هذا الصدد كشف العديد من الخبراء والمحليين السياسيين بأن مستوى الإنتقادات من سياسات الإحتلال الصهيونية التي تدعمها أمريكا والجرائم التي ترتكبها الصهيونية ضد ابناء الشعب الفلسطيني شهدت زيادة كبيرة في اوساط الجامعات الأميركية وهذه المسألة أثارت حفظة وقلق الصهاينة انفسهم، وفي الختام يمكن القول بإن الحقائق الواقعية تؤكد أن الصهاينة ليس لديهم شرعية في المنطقة وفي العالم أجمع، وهم يعلمون جيداً أن دعم الولايات المتحدة الأميركية هو مصدر بقائهم الوحيد فقط على وجه هذه الارض، ولهذا فإنهم يبذلون الكثير من الجهود للسيطرة على الرأي العام في أمريكا لضمان بقائهم.