محمد مرشد عقابي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العميد "يسري الحوشبي".. وترجل القائد العظيم في زمن الإنكسار

ترفق بنا يا وجع المآسي، فمن يرحل لا يغيب دوماً، ترفق بنا يا وجع المآسي، فالقلب يعتصره الألم، ترفق بنا فهناك أرواحاً وان غابت اجسادها تظل تسكن قلوبنا، وتستوطن أفئدتنا، ترفق بنا يا وجع المآسي فهناك من لا يزال واقفاً بشموخ على باب الذكرى يرقب مشاهد الدرب العظيم الذي خطه بدمه الزاكي..

ترفق بنا يا وجع المآسي فلم نعد نقوى على كتابة المراثي على شهيد أشرق نجمه في سماء الكرامة لينير درب الحرية..

من اين نبدأ حكايتنا عنك ايها البطل المغوار، وكيف نرثي من هو باق بيننا، كيف نكتب على جسداً توارى خلف الأنظار وروحاً خالدة في البقاء بيننا، هل نبدأ من معاني ثباتك الأسطوري كمحارب اجاد وبأمتياز كل الفنون القتالية وحاز صدارة الرجولة والشجاعة والإقدام حتى لحظة الرحيل، او نستشرف اشراقات مآثرك ومناقبك وأدوارك الإنسانية والوطنية والخيرية الأخرى؟.

شهيدنا القائد "يسري الحوشبي" ذهبت عنا وعن دنيانا جسداً لكن ستبقى حياً بيننا بروحك الوطنية الوثابه، عشت بيننا رجلاً عظيماً مبتسما دون التمييز بين هذا و ذلك، متواضعاً حد الخجل، فلك ان تفخر بما حباك الله وبما تزودت به في هذه المعمورة في رحيلك الجسدي يا فخر المجد وسر أعتزاز أرض الجنوب، ستظل روحك تحيا بين اوساطنا نستشرف من ذكرى مسيرتك مواقف العزة والعظمة والكبرياء يا من علمتنا أنبل المعاني والمبادئ والقيم.

كنت ايها الفذ محارباً باسلاً، تعلمنا منك رغم صغر سنك اسلوب التعامل الأمثل مع الأعداء، تعلمنا منك شرف مجابهة المخاطر، يا أعظم مدرسة ثورية شهدها الجنوب في عصره الحديث.

ستظل لحظة ارتقائك شهيداً في معركة اجتثاث الإرهاب والدفاع عن سيادة الجنوب وكرامته لحظة بطولية فارقة في تاريخ الجنوب المعاصر، علمتنا ايها الثائر العظيم كيف يكون التسامي والبذل والعطاء في اعظم صور الفداء والتضحية لأجد الوطن، رحلت لكي تتجدد ذكراه كل لحظة في اذهان ومخيلات من احبوك.

نم بعين قريرة يا عميد شهداء الحواشب وسيد الراحلين الجنوبيين، فبرحيلك شهيداً عظيماً سيأخذ الشرفاء دورهم بعدهم في القتال والنضال ومواصلة السير، ثق ايها الشهيد البطل فحتى الحجارة والأشجار ستقاتل من اجل هذا الوطن الذي ارويت انت عطشه للحرية بدمائك الطاهرة.

استريح من اتعاب الدنيا ومشاغلها وهمومها ومشاكلها، وتوسد التراب الذي دفعت روحك مهراً له وثمناً لكرامته، ودعنا نذرف دموع الندم والحسرة والأسى والحزن على فراقك الأليم، دعنا نتذوق مرارة القهر ونحن نعيد شريط ذكرياتك الجميلة، ونطالع غياهيب رحيلك الجائر.

اخلد في مرقدك ايها الحبيب، واهدنا كل ساعة من ماضي مسيرتك العابرة دروساً روحيا نستلهم منها معاني الإباء والفداء والتضحية.

شهيدنا الأبر، دعني اناديك من خلف الثرى واقول لك بان بلادك الحواشب التي تعد مركز رفد جبهات الجنوب بالمقاتلين الأشاوس قد تشبع ترابها برفات الشهداء الميامين وتزينت اراضيها بوشاح الخالدين اولئك الرجال الذين رحلوا بصمت رهيب وتركوا إرثاً كبيراً، إلا أنت لا تزال عالقاً في تلافيف العقول ولاصقاً في حجرات قلوب الآلاف من الناس، انت من يمر طيفك في الليالي المعتمة والحالكات ليسود الأرجاء هول ذكراك ويتردد فيها صدى تضحياتك الجسام.

لا اخفيك سراً ايها الغائب جسداً تحت التراب والموجود روحاً وعملاً بين صفوفنا بان دروب الرحيل المر ابكتنا سويعات وأياماً سالفات، إلا ان رحيلك وحدك هو من يبكينا كل لحظة ويوم، فهل تطفي دموعنا الحارة لهيب هذه اللوعة والأشتياق؟.

ستبقى تفاصيل رواية البطولة والمجد والكرامة التي اجترحتها في كل الميادين مسطره في انصع صفحات التاريخ الى ان يبعث الله الأرض ومن عليها.

سيتظل يا ايها الأخ والصديق ذلك الغائب الذي أبحث عنه بين السهول والروابي والجبال وفي المواقع والميادين وساحات الشرف والبطولة التي ستستمر بسكب الآهات ألماً وحسرة وحزناً على فراق حصل دون سابق أنذار.

"يسري" ستظل تسري في أوردة وشرايين كل مغاوير الأرض الجنوبية، ستبقى وطناً يأوي اليه الجميع، ستظل رمزاً من رموز البطولة في وطن يتكالب عليه الأعداء وينخر في مفاصله العملاء والخونة والأنذال، وطن لن يموت طالما انجب من لا يموت ذكره مهما تقادمت السنين وتعاقبت الدهور والأيام.


2020/6/19م هو اليوم الذي اصبت فيه ايها الكريم ابن الكريم ذو الأصل العريق والطيب وانت في موقع المقاومة وفي موقف الحق تدافع عن الشرف والكرامة وعن حياض الأرض والعرض وسيادة الوطن ضد جماعات الإرهاب والإرتزاق اليمنية، وصادف 2020/7/4م يوم فاضت روحك الطاهرة الى باريها، منذ ذلك اليوم اشعر بانك لم تفارقنا ايها العزيز، فان كنت رحلك جسداً فلم تفارقنا ابتسامتك وروحك واخلاقك وطيبتك وشجاعتك ومواقفك الرجولية والإنسانية، لقد كنت لنا الوطن الذي نسكن فيه، والهوية التي نعتز بالإنتماء اليها، والبندقية التي تدحر كيد الأعداء عنا، فكيف استطيع ان اداري ادمعي من هول صدمة نبأ رحيلك ايها الغالي.

في أمان الله يا ايها الثائر والمناضل الجسور يا إرث الماضي الحزين، واشراقات المستقبل المعدوم، سنبكيك ابد ما عشنا على ظهر الأرض، وستبكيك الرمال وذرات التراب والأرض التي دلفتها قدماك خلال مشوار كفاحك النضالي المرصع بالبطولات والتضحيات من أجل الجنوب.

2020/7/4م سيظل يوم ذكراك يا عميد الشهداء وسيد القادة والثوار، ستهل علينا هذه الذكرى العظيمة والأليمة في آن واحد كل عام لتذكرنا بملحميات صمود البندقية والبذل والعطاء الجازل، ستبقيك هذه الذكرى قائدنا وفخرنا ومعلمنا وأسطورتنا وأشدنا واجدرنا وملهمنا على الدوام.

أيام حزينة مضت على فراقك نعاك فيها النهار طولاً لحد الغروب، وبكاك الليل حتى انبلجت خيوط الإشراق، فسلاماً على روحك الطاهرة ايها البطل الهمام.