أحمد سعيد كرامة يكتب:

وصول المحافظ .. وتعليق مشاركة الإنتقالي

وصول محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد حامد لملس بعد إعلان المجلس الإنتقالي تعليق مشاركته في المشاورات الجارية لتنفيذ إتفاق الرياض كانت رسالة تهداة من السعودية للمجلس الإنتقالي ، للأسف الشديد السياسة الخارجية للسعودية لا تواكب الأحداث ولا تستشرف المستقبل القريب لتضع رؤيتها وهدفها الذي يحدد سرعة إصدار ألقرارات الصائبة وتنفيذها ، سياسة الاحتواء وردود الأفعال تسيطر على نهج وتفكير القيادة السعودية .

أن مشكلة راعي وضامن إتفاق الرياض تكمن في عدم الجدية المطلوبة و البطئ الشديد لتنفيذ بنود الإتفاق بين المجلس الإنتقالي الجنوبي وشرعية الرئيس المؤقت هادي ، مما أدى إلى التدهور الأمني والعسكري المستمر في شقرة ، وتدهور حاد للخدمات وإنهيار العملة والقدرة الشرائية للمواطن ، ويدل ذلك على فشل القائمين على الملف .

يجب أن تدرك جميع أطراف النزاع في اليمن ومن بينهم نحن معشر الجنوبيون أن الملف اليمني لم يعد الملف الأول للسعودية كما كان قبل خمسة أعوام ، وبالتالي نهاية الحرب في اليمن والشروع بالعملية السياسية لم يعد من أولويات القيادة السعودية اليوم ، بل الخروج من المستنقع اليمني فقط ، ولهذا ركزت وتركز المملكة على إعادة الشرعية إلى عدن بكافة الوسائل المتاحة وغير المتاحة .

وبالتالي علينا كجنوبيين وفورا تغيير إستراتيجيتنا السابقة مع التحالف العربي والدولي بأخرى جديدة تواكب كل تلك التطورات الأخيرة ، العالم تجمعه المصالح وتفرقه المصالح أيضآ ، واليمن ليست ذو أهمية بالنسبة للدول العظمى إلا متى ما مست مصالحها الإقتصادية والأمنية كما حدث في مضيق باب المندب ، وملف الإرهاب أصبح هو مفتاح أي تحالف دولي إقليمي محلي قادم ، السعودية والشرعية خسرتا هذا الملف في شبوة وأبين حاليا ، بعد نجاح الإمارات العربية المتحدة والقوات المسلحة الجنوبية بذلك الملف في شبوة وحضرموت وأبين سابقا .

تسارع وتيرة الأحداث المحلية والدولية من إنهيار أسواق النفط الخام وتوقف عجلة التنمية والإقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا وحالة التقشف التي تعيشها المملكة إنعكس سلبا على قدرة المملكة وديمومة زخمها العسكري والدبلوماسي بالشأن اليمني وباقي الملفات الإقليمية والدولية .

تغلغل الفكر والنهج الإخواني في رجال الدولة العميقة بالسعودية هو من عرقل تحرير صنعاء وأطال أمد الحرب بغية توريط دول أخرى إقليمية بالمستنقع اليمني ، والزج بالجنوبيون في جبهات القتال المتباعدة الغرض منه إستنزاف الجنوبيون بشريا لإرضاء حلفاء السعودية من الشماليين وعلى رأسهم الجنرال العجوز الأحمر .

الخطأ الإستراتيجي الفادح الذي وقعت به السعودية هو رعاية خطة الجنرال العجوز الذي نصحها بدعم حزب الإصلاح وعدم الضغط عليه بالمشاركة بالقتال الدائر باليمن ، حتى تصل مليشيات الحوثي والقوات المسلحة الجنوبية وقوات عفاش لمرحلة الإنهيار والاستنزاف لسهولة الانقضاض عليهم وهزيمتهم .

ليس كل ما يخطط له تضمن نتائجه ، وبالتالي أثبتت الوقائع على الأرض أن مليشيات الحوثي متسيدة ومتربعة على معظم أراضي الشمال ، وقوات المجلس الإنتقالي الجنوبي تسيطر على معظم الأراضي الجنوبية .

وصلت المملكة العربية السعودية لقناعة تامة وراسخة بإستحالة هزيمة الحوثي أو نجاح خطة الجنرال العجوز ، ولم يكن لديها مخرج للحفاظ على حلفائها الشماليين غير الجنوب كوطن بديل لهم ، وجد هذا المقترح ترحيب واسع لدى شماليي المملكة ، وعلى إثره تمخض إتفاق الرياض سيء الصيت والنوايا .

يجب أن يتحرر الجنوبيون من السذاجة المفرطة التي أدت إلى التبعية العمياء بإسم التحالف العربي ، ويجب أن تكون العلاقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، مبنية على الشراكة الإستراتيجية تحت القاعدة الشرعية : لا ضرر لا ضرار ، ويجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية بعيدا عن المداهنة والتزلف ، فالوضع خطير يهدد مصير أمة ووطن .

خسرت المملكة شمال اليمن ، وحتى لو أبرمت الف وثيقة وإتفاق ومعاهدة مع مليشيات الحوثي الإيرانية لن يغير ذلك من علاقة الأصدقاء الأعداء ، وعليها أللا تخسر الجنوب وشعبه هذه المرة لأنه سيحمي ظهرها بحدوده المشتركة معها ، وما تصريحات اللواء أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الإنتقالي الجنوبي سوى رسالة شديدة اللهجة من قيادي بالصف الأول ، يعبر عن مدى تدمر وإستياء معظم قادة وقواعد الإنتقالي من سياسة المملكة العربية السعودية تجاه الجنوب وشعبه .

هل تغير المملكة نظرتها وإستراتيجيتها وتعاملها مع الجنوب وقضيته ، أم تخسر الجنوب كما خسرت الشمال