أحمد الجعدي يكتب:
القبيلة لعنة الجمهورية
ولأنه صوت نسوي أجمع الناشطون على أن القبيلة ضرورة حتمية في حياة اليمنيين واعتبروها الحقيقة المطلقة، تتحدث صاحبة التغريدة عن القبيلة كضرورة في الواقع اليمني الذي تغيب عنه الدولة، هذه الضرورة اليمنيية لم تكن ضرورة عند أيٍّ من شعوب الأرض في زمن انهيار البرجوازية وزمن انهيار الملوك والقياصرة، وحده المثقف اليمني من ينظّر لاستمرار الكارثة المتمثلة بشيء يدعى القبيلة، بل ومتمسّك بها كإرث شعبي أثّر في ماضية وحاضرة سلباً، ويا ليت وجودها اقتصر فقط على أن يكون كزي شعبي مثلاً جاذب للسياحة لا اكثر ولا اقل كما فعلت كثير من البلدان التي ضمنت لنفسها تقدماً اقتصادياً وسياسياً ثم عادت لإنتاج ثقافتها وتاريخها بما لا يؤثر على نظامها السياسي والاقتصادي.
نسي اليمنيون أو تناسوا أن آباءهم الأولين تعاملوا مع القبيلة كضرورة وهي من أفسدت عليهم ثورتهم، ثم شرعنوا وجودها وقووها وأصّلوها من أجل استمرار الحكم واستتباب الوضع، وهو الأمر الذي انتهى بإجهاض جمهوريتهم التي لعبت القبيلة فيه دوراً أساسياً.
عندما حاربت الإمامة الجمهورية مؤخراً، في حرب القرن اليمني الجديد، وقفت القبيلة معها بل وباعت الجمهورية بثمن بخس وكانوا فيها من الزاهدين، وفي الثاني من ديسمبر قالوا لمن كان يرعاهم: لسنا رهطك وإنّا لراجموك.
في موقف فاضح آخر أتناوله كمثال على علاقة القبيلة بالجمهورية وفي أيام عز الجمهوريين، نتذكر حميد الأحمر وهو يتحدث بكل صفاقة عن القبيلة التي ينتمي إليها وعن الشيخ الذي يرعاه، في إشارة منه إلى أنها، أي القبيلة، أكبر من الجمهورية، وبأنه هو الدولة والجمهورية والقانون طالما هو ابن شيخ القبيلة.
لم يحيا الناس في الشرق ولا في الغرب بجمهوريات حقيقية إلا على أنقاض قبائل وعشائر وأنظمة الحكم البدائية، أما الاستمرار في الاعتماد على القبيلة كضرورة ما هي الا عملية أخرى لإنتاج ماضٍ فاشل مستحيل أن يدور في خلد ناس يؤمنون ويفهمون متطلبات هذا العصر.
المتحمسون لهذا الشيء هم من يرون في مراد آخر متارس الجمهورية، مع العلم أن مراد وإن علت لا يمكن لها أن تكون جمهورية وهم يفهمون هذا الحديث، إلا أنها ثقافة الحلول المؤقته والعاطفة الجماعية التي تشبه إلى حدٍّ كبير العاطفة التي تقوم على أساسها القبيلة.